воскресенье, 12 сентября 2021 г.

السالمية

السالمية

 بسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

تعريف السالمية:

• أول من ذكر السالمية أبو نصر السجزي (ت. ٤٤٤) حيث قال بعد ذكر المعتزلة:

«ثم بلي أهل السنة بعد هؤلاء بقوم يدعون أنهم من أهل الاتباع. وضررهم أكثر من ضرر (المعتزلة) وغيرهم، وهم: أبو محمد بن كلاب، وأبو العباس القلانسي، وأبو الحسن الأشعري. وبعدهم: محمد بن أبي تريد بسجستان وأبو عبد الله بن مجاهد بالبصرة. وفي وقتنا: أبو بكر بن الباقلاني ببغداد، وأبو إسحاق الاسفرائيني وأبو بكر بن فورك بخراسان فهؤلاء يردون على (المعتزلة) بعض أقاويلهم. ويردون على أهل الأثر أكثر مما ردّوه على المعتزلة. وظهر بعد هؤلاء: الكرامية، والسالمية فأتوا بمنكرات من القول. وكلهم أئمة ضلالة يدعون الناس إلى مخالفة السنة وترك الحديث». [رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت: ١/‏٣٤٥]

• 







суббота, 16 января 2021 г.

الأدلة على أن الله يتكلم إذا شاء

بسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

١) ما ورد من الأدلة في القرآن:

 • قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدۡ خَلَقۡنَـٰكُمۡ ثُمَّ صَوَّرۡنَـٰكُمۡ ثُمَّ قُلۡنَا لِلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ ٱسۡجُدُوا۟ لِـَٔادَمَ فَسَجَدُوۤا۟ إِلَّاۤ إِبۡلِیسَ لَمۡ یَكُن مِّنَ ٱلسَّـٰجِدِینَ﴾ [الأعراف: ١١]

• وقال تعالى: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِیسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَۖ خَلَقَهُۥ مِن تُرَابࣲ ثُمَّ قَالَ لَهُۥ كُن فَیَكُونُ﴾ [آل عمران: ٥٩]

• وقال تعالى: ﴿فَلَمَّاۤ أَتَىٰهَا نُودِیَ یَـٰمُوسَىٰۤ﴾ [طه: ١١]

• وقال تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاۤءَهَا نُودِیَ أَنۢ بُورِكَ مَن فِی ٱلنَّارِ وَمَنۡ حَوۡلَهَا وَسُبۡحَـٰنَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ﴾ [النمل: ٨]

• وقال تعالى: ﴿فَلَمَّاۤ أَتَىٰهَا نُودِیَ مِن شَـٰطِىِٕ ٱلۡوَادِ ٱلۡأَیۡمَنِ فِی ٱلۡبُقۡعَةِ ٱلۡمُبَـٰرَكَةِ مِنَ ٱلشَّجَرَةِ أَن یَـٰمُوسَىٰۤ إِنِّیۤ أَنَا ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ﴾ [القصص: ٣٠]

• وقال تعالى: ﴿بَدِیعُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَإِذَا قَضَىٰۤ أَمۡرࣰا فَإِنَّمَا یَقُولُ لَهُۥ كُن فَیَكُونُ﴾ [البقرة: ١١٧]

• وقال تعالى: ﴿قَالَتۡ رَبِّ أَنَّىٰ یَكُونُ لِی وَلَدࣱ وَلَمۡ یَمۡسَسۡنِی بَشَرࣱۖ قَالَ كَذَ ٰ⁠لِكِ ٱللَّهُ یَخۡلُقُ مَا یَشَاۤءُۚ إِذَا قَضَىٰۤ أَمۡرࣰا فَإِنَّمَا یَقُولُ لَهُۥ كُن فَیَكُونُ﴾ [آل عمران: ٤٧]

• وقال تعالى: ﴿إِنَّمَا قَوۡلُنَا لِشَیۡءٍ إِذَاۤ أَرَدۡنَـٰهُ أَن نَّقُولَ لَهُۥ كُن فَیَكُونُ﴾ [النحل: ٤٠]

• وقال تعالى: {مَا كَانَ لِلَّهِ أَن یَتَّخِذَ مِن وَلَدࣲۖ سُبۡحَـٰنَهُۥۤۚ إِذَا قَضَىٰۤ أَمۡرࣰا فَإِنَّمَا یَقُولُ لَهُۥ كُن فَیَكُونُ} [مريم: ٣٥]

• وقال تعالى: ﴿إِنَّمَاۤ أَمۡرُهُۥۤ إِذَاۤ أَرَادَ شَیۡـًٔا أَن یَقُولَ لَهُۥ كُن فَیَكُونُ﴾ [يس: ٨٢]

• وقال تعالى: ﴿هُوَ ٱلَّذِی یُحۡیِۦ وَیُمِیتُۖ فَإِذَا قَضَىٰۤ أَمۡرࣰا فَإِنَّمَا یَقُولُ لَهُۥ كُن فَیَكُونُ﴾ [غافر: ٦٨]

• وقال تعالى: ﴿وَیَوۡمَ یُنَادِیهِمۡ فَیَقُولُ أَیۡنَ شُرَكَاۤءِیَ ٱلَّذِینَ كُنتُمۡ تَزۡعُمُونَ﴾ [القصص: ٦٢]

• وقال تعالى: ﴿وَیَوۡمَ یُنَادِیهِمۡ فَیَقُولُ مَاذَاۤ أَجَبۡتُمُ ٱلۡمُرۡسَلِینَ﴾ [القصص: ٦٥]


٢) ما ورد من الأدلة في السنة:

• عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ - ثَلَاثًا - غَيْرُ تَمَامٍ»، فَقِيلَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: إِنَّا نَكُونُ وَرَاءَ الْإِمَامِ، فَقَالَ : اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي. وَإِذَا قَالَ: { الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ }، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي. وَإِذَا قَالَ: { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ }، قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي. وَقَالَ مَرَّةً: فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي. فَإِذَا قَالَ { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }، قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ. فَإِذَا قَالَ: { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ } { صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ }، قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَل». [صحيح مسلم: ٣٩٥، سنن أبي داود: ٨٣١، سنن الترمذي: ٢٩٥٣، موطأ مالك: ٢٢٤، وغيرهم]

• عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحْبِبْهُ. فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ. فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ : إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ. فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ».  [صحيح البخاري: ٣٢٠٩، ٦٠٤٠، ٧٤٨٥، صحيح مسلم: ٢٦٣٧، سنن الترمذي: ٣١٦١، وغيرهم]

• عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ حِينَ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَهُوَ يُرِيدُ الصَّفَا، وَهُوَ يَقُولُ: «نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ»، فَبَدَأَ بِالصَّفَا. [موطأ مالك: ١٠٨٩، صحيح مسلم: ١٢١٨، وغيرهم]

• عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ: كُنَّا نُسَلِّمُ فِي الصَّلَاةِ وَنَأْمُرُ بِحَاجَتِنَا، فَقَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ يُصَلِّي فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ، فَأَخَذَنِي مَا قَدُمَ وَمَا حَدُثَ ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى ﷺ الصَّلَاةَ قَالَ : «إِنَّ اللَّهَ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ، وَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ قَدْ أَحْدَثَ مِنْ أَمْرِهِ أَلَّا تَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ». فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ. [سنن أبي داود: ٩٢٤، مسند أحمد: ٤٤١٧، صحيح]

• عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ، فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ ، فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ». [صحيح البخاري:٧٥١٢، صحيح مسلم: ١٠١٦]


٣) ما ورد من الأدلة في الآثار:

• عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿نُودِيَ مِن شاطِئِ الوادِ الأيْمَنِ﴾ قالَ: «كانَ النِّداءُ مِنَ السَّماءِ الدُّنْيا». [تفسير ابن أبي حاتم: ٩/‏٢٩٧٤]

• وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: «لَمّا كَلَّمَ اللَّهُ مُوسى كانَ النِّداءُ فِي السَّماءِ، وكانَ اللَّهُ فِي السَّماءِ». [خلق أفعال العباد للبخاري: ٩٨]




пятница, 15 января 2021 г.

الأدلة من القرآن على أن الله يتكلم بصوت

 الأدلة من القرآن على أن الله يتكلم بصوت


١) إخبارُ الله تعالى عن ندائِهِ لآدم وحواء، وإبراهيم، وموسى عليهم السَّلام، وللمشركين يومَ القيامةِ:

 – ﴿وَنَـٰدَیۡنَـٰهُ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ ٱلۡأَیۡمَنِ وَقَرَّبۡنَـٰهُ نَجِیࣰّا﴾ [مريم: ٥٢]

 – ﴿فَدَلَّىٰهُمَا بِغُرُورࣲۚ فَلَمَّا ذَاقَا ٱلشَّجَرَةَ بَدَتۡ لَهُمَا سَوۡءَ ٰ⁠ تُهُمَا وَطَفِقَا یَخۡصِفَانِ عَلَیۡهِمَا مِن وَرَقِ ٱلۡجَنَّةِۖ وَنَادَىٰهُمَا رَبُّهُمَاۤ أَلَمۡ أَنۡهَكُمَا عَن تِلۡكُمَا ٱلشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَاۤ إِنَّ ٱلشَّیۡطَـٰنَ لَكُمَا عَدُوࣱّ مُّبِینࣱ﴾ [الأعراف: ٢٢]

 – ﴿وَنَـٰدَیۡنَـٰهُ أَن یَـٰۤإِبۡرَ ٰ⁠هِیمُ﴾ [الصافات: ١٠٤]

 – ﴿وَیَوۡمَ یُنَادِیهِمۡ فَیَقُولُ أَیۡنَ شُرَكَاۤءِیَ ٱلَّذِینَ كُنتُمۡ تَزۡعُمُونَ﴾ [القصص: ٦٢]

 – ﴿فَلَمَّاۤ أَتَىٰهَا نُودِیَ یَـٰمُوسَىٰۤ﴾ [طه: ١١]

• قال أبو نصر عُبَيْد الله السِّجْزي (ت. ٤٤٤): والنداء عند العرب صوت لا غير، ولم يرد عن الله تعالى ولا عن رسوله ﷺ أنه من الله غير صوت. [رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت: ١/‏٢٥٣]

• قال ابن قدامة المقدسي (ت. ٦٢٠): والنداء لا يكون إلا بصوت وفي القرآن من هذا كثير. [البرهان في بيان القرآن: ٨٤]

• قال علاء الدين أبو الحسن المرداوي (ت. ٨٨٥): والنداء عِنْد العَرَب: صَوت لا غير، ولم يرد عَن الله ولا عَن رَسُوله ولا أحد من السّلف أنه من الله غير صَوت، ومُوسى مُكَلم بِلا واسِطَة إجْماعًا. [التحبير شرح التحرير: ٣/‏١٣٢٣]

• قال ابن تيمية (ت. ٧٢٨): و«النِّداءُ» فِي لُغَةِ العَرَبِ هُوَ صَوْتٌ رَفِيعٌ؛ لا يُطْلَقُ النِّداءُ عَلى ما لَيْسَ بِصَوْتِ لا حَقِيقَةً ولا مَجازًا. [مجموع الفتاوى: ٦/‏٥٣١]

وما قال ابن تيمية موافق لقول أهل اللغة، وسأذكر بعض أقوالهم على سبيل المثال:


• قال أبو نصر الجوهري (ت. ٣٩٣): [ندا] النِداءُ: الصوت، وقد يضم مثل الدُعاءُ والرُغاءُ. وناداهُ مُناداةً ونداء، أي صاح به. [الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية: ٦/‏٢٥٠٥]

• قال أحمد ابن فارس (ت. ٣٩٥): وَمِنَ الْبَابِ نَدَى الصَّوْتِ: بُعْدُ مَذْهَبِهِ. وَهُوَ أَنْدَى صَوْتًا مِنْهُ، أَيْ أَبْعَدُ. [مقاييس اللغة: ٤١٢/٥]

• قال أبو الحسن علي الواحدي (ت. ٤٦٨): ﴿وإذا نادَيْتُمْ إلى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُوًا ولَعِبًا﴾ [المائدة ٥٨] أي: إذا دعوتم الناس إلى الصلاة بالأذان، والنداء: الدعاء بأرفع الصوت. [التفسير الوسيط:  ٢/‏٢٠٣]

• قال أبو القاسم الراغب الأصفهاني (ت. ٥٠٢): النِّدَاءُ: رفْعُ الصَّوت وظُهُورُهُ... وأصل النِّداء من النَّدَى. أي: الرُّطُوبة، يقال: صوت نَدِيٌّ رفيع، واستعارة النِّداء للصَّوْت من حيث إنّ من يَكْثُرُ رطوبةُ فَمِهِ حَسُنَ كلامُه، ولهذا يُوصَفُ الفصيح بكثرة الرِّيق. [المفردات في غريب القرآن: ص/٧٩٦]

• قال أبو عبد الله محمد القرطبي (ت. ٦٧١): والنداء الدعاء برفع الصوت، وفد يُضَمُّ مِثْلَ الدُّعاءِ والرُّغاءِ. وناداهُ مُناداةً ونِداءً أي صاح به. [تفسير القرطبي: ٦/‏٢٢٤]

• قال ابن منظور الإفريقي (ت. ٧٧١): النِّداء، والنُّداء: الصوت مثل الدعاء والرغاء، وقد ناداه ونادى به، وناداه مناداة ونداء: صاح به … والنداء: ممدود: الدعاء بأرفع الصوت. [لسان العرب: ١٥/ ٣١٥]


٢) أمر الله تعالى بالاستماع لكلامه:

• قال الله عز وجل: ﴿وَأَنَا ٱخۡتَرۡتُكَ فَٱسۡتَمِعۡ لِمَا یُوحَىٰۤ﴾ [طه: ١٣]

• قال أبو نصر عُبَيْد الله السِّجْزي (ت. ٤٤٤): قال الله سبحانه لموسى: ﴿فاسْتَمِعْ لِما يُوحى﴾ وكان يكلمه من وراء حجاب، لا ترجمان بينهما، واستماع البشر في الحقيقة لا يقع إلا للصوت. ومن زعم أن غير الصوت يجوز في المعقول أن يسمعه من كان على هذه البنية التي نحن عليها، احتاج إلى دليل. [رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت: ١/‏٢٤٤]

• أبو الحسين يحيى العمراني (ت. ٥٥٨): والدليل على إثبات الصوت قول الله لموسى: ﴿وأنا اخْتَرْتُكَ فاسْتَمِعْ لِما يُوحى﴾ . والله سبحانه كلمه من وراء حجاب ولا ترجمان بينهما واستماع البشر في الحقيقة لا يقع إلا للصوت، ومن زعم أن غير الصوت يجوز في المعقول أن يسمعه من كان على هذه البنية إلى دليل. [الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار: ٢/‏٥٥٩]

• قال علاء الدين أبو الحسن المرداوي (ت. ٨٨٥): وقالَ تَعالى: ﴿فاستمع لما يُوحى﴾ [طه ١٣]، وكانَ يكلمهُ من وراء حجاب لا ترجمان بَينهما، واستماع البشر فِي الحَقِيقَة لا يَقع إلّا للصوت، ومن زعم أن غير الصَّوْت يجوز فِي العقل أن يسمعهُ من كانَ على هَذِه البَيِّنَة الَّتِي نَحن عَلَيْها [احْتاجَ] إلى دَلِيل. [التحبير شرح التحرير: ٣/‏١٣٢٣]


٣) تأكيد الله الكلام بالمصدر عندما أخبر عن تكليمه لموسى عليه السلام:

• قال الله عز وجل: ﴿وَرُسُلࣰا قَدۡ قَصَصۡنَـٰهُمۡ عَلَیۡكَ مِن قَبۡلُ وَرُسُلࣰا لَّمۡ نَقۡصُصۡهُمۡ عَلَیۡكَۚ وَكَلَّمَ ٱللَّهُ مُوسَىٰ تَكۡلِیمࣰا﴾ [النساء: ١٦٤]

• قال أبو محمد ابن قتيبة الدِّينَوري (ت. ٢٧٦): والله تعالى يقول: وكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيمًا [النساء ١٦٤] فوكّد بالمصدر معنى الكلام، ونفى عنه المجاز. [تأويل مشكل القرآن: ١/‏٧٤]

• قال أبو أحمد القصاب (ت. نحو ٣٦٠): وقوله: (وكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيمًا حجة على الجهمية وهي من كبار الحجج عليهم. ويحتجون بأن الكلام منه على المجاز، والمجاز لا يؤكد بالمصدر، وقد أكده - جل وعلا - كما ترى، فجاء بالتكليم. [النكت الدالة على البيان في أنواع العلوم والأحكام ١/‏٢٧٩]

• قالَ أحْمد بن يحيى (ت. ٢٩١) فِي قَول الله: ﴿وكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيمًا﴾ (النِّساء: ١٦٤) لَو جاءتْ: كلَّمَ الله مُوسى مُجَرّدًا لاحْتَمَلَ ما قُلْنا وما قالُوا يَعْني المُعْتَزِلةَ فلمّا جاءتْ: (تكليمًا) خَرجَ الشَّكُّ الَّذِي كانَ يدخلُ فِي الكَلام، وخَرجَ الاحْتمالُ للشَّيْئَيْنِ، والعرب تَقول: إذا وُكِّدَ الكلامُ لم يَجُزْ أن يكونَ التوكيدُ لَغوا، والتَّوكيدُ بالمَصْدَرِ دَخَلَ لإخْراجِ الشّكِّ. [تهذيب اللغة للأزهري: ١٠/‏١٤٨]

• قال ابن بطة العكبري (ت. ٣٨٧): وقالَ تَعالى ﴿وكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيمًا﴾ [النساء ١٦٤]، فَأدْخَلَ ﴿تَكْلِيمًا﴾ [النساء ١٦٤] تَأْكِيدًا لِلْكَلامِ ولِنَفْيِ المَجازِ، فَإنَّهُ لا جائِزَ أنْ يَقُولَ إنْسانٌ: كَلَّمْتُ فُلانًا فِي كِتابِي وعَلى لِسانِ رَسُولِي تَكْلِيمًا. [الإبانة الكبرى: ٦/‏٣٠٣]

• قال أبو نصر عُبَيْد الله السِّجْزي (ت. ٤٤٤): وأحد ما استدل به العلماء على نفي الخلق عن كلام الله سبحانه قوله عزوجل: ﴿وكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيمًا﴾ فقالوا: أتى بالمصدر ليعلم أنه كلام من مكلِّم إلى مكلَّم. [رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت ١/‏١٦٤]

• قالَ النَّحّاسُ (ت. ٣٣٨) أجْمَعَ النَّحْوِيُّونَ عَلى أنَّ الفِعْلَ إذا أُكِّدَ بِالمَصْدَرِ لَمْ يَكُنْ مَجازًا فَإذا قالَ تَكْلِيمًا وجَبَ أنْ يَكُونَ كَلامًا عَلى الحَقِيقَةِ الَّتِي تُعْقَلُ. [فتح الباري لابن حجر: ١٣/‏٤٧٩]

والكلام الحقيقي لا يكون إلا بحرف وصوت بالإجماع:

• قال أبو نصر عُبَيْد الله السِّجْزي (ت. ٤٤٤): اعلموا- أرشدنا الله وإياكم- أنه لم يكن خلاف بين الخلق على اختلاف نِحَلهم من أول الزمان إلى الوقت الذي ظهر فيه ابن كلاب والقلانسي والصالحي والأشعري وأقرانهم الذين يتظاهرون بالرد على المعتزلة وهم معهم بل أخس حالًا منهم في الباطن في أن الكلام لا يكون إلا حرفًا وصوتًا ذا تأليف واتساق، وإن اختلفت بهم اللغات...فالإجماع منعقد بين العقلاء على كون الكلام حرفًا وصوتًا. [رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت: ١١٥/١-١١٨]

• قال قوام السنة أبو القاسم إسماعيل التيمي الأصبهاني (ت ٥٣٥): وقد أجمع أهل العَرَبيَّة أن ما عدا الحُرُوف والأصوات لَيْسَ بِكَلام حَقِيقَة. [الحجة في بيان المحجة: ١/‏٤٣٣]


والحمد لله رب العالمين.









среда, 5 февраля 2020 г.

توبة كبار المتكلمة عن علم الكلام ورجوعهم إلى اعتقاد السلف : 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

قبل أن أنقل كلام كبار المتكلمة من اشاعرة وغيرهم وتوبتهم عن علم الكلام ورجوعهم إلى منهج وعقيدة السلف أورد كلام الامام ابي عمر بن عبد البر حافظ المغرب (368ه‍)
في علم الكلام والمتكلمة :

يقول أبو عمر ابن عبد البر: "أجمع أهل الفقه والآثار من جميع الأمصار أن أهل الكلام أهل بدع وزيغ، ولا يُعَدُّون عند الجميع في جميع الأمصار في طبقات العلماء، وإنما العلماء أهل الأثر والتفقه فيه ويتفاضلون فيه بالإتقان والميز والفهم" "جامع بيان العلم (2/95)".

وقال ايضا رحمه الله : 
"الذي أقول: إنه من نظر إلى إسلام أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة وسعد وعبد الرحمن وسائر المهاجرين والأنصار، وجميع الوفود الذين دخلوا في دين الله أفواجًا علم أن الله -عز وجل- لم يعرفه واحد منهم إلا بتصديق النبيين بأعلام النبوة ودلائل الرسالة لا من قِبل حركة ولا من باب الكل والبعض، ولا من باب كان ويكون، ولو كان النظر في الحركة والسكون عليهم واجبًا، وفي الجسم ونفيه والتشبيه ونفيه لازمًا ما أضاعوه، ولو أضاعوا الواجب ما نطق القرآن بتزكيتهم وتقديمهم، ولا أطنب في مدحهم وتعظيمهم، ولو كان ذلك مِن عملهم مشهورًا أو من أخلاقهم معروفـًا لاستفاض عنهم ولشُهروا به كما شُهروا بالقرآن والروايات، وقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا) (متفق عليه)، عندهم مثل قول الله -عز وجل-: (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ) (الأعراف:143)، ومثل قوله: (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) (الفجر:22)، كلهم يقول: ينزل ويتجلى ويجيء بلا كيف، لا يقولون: كيف يجيء وكيف يتجلى وكيف ينزل ولا من أين جاء ولا من أين تجلى ولا من أين ينزل؛ لأنه ليس كشيء من خلقه، وتعالى عن الأشياء، ولا شريك له" "التمهيد (7/147)

***علماء اهتدوا إلى عقيدة السلف : 

-الإمام ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﺍﻟﻜﺮﺍﺑﻴﺴﻲ ‏(ﺕ ٢١٤ ﻫـ‏):

ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻝ ﻓﻴﻪ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﺍﻷﺷﻌﺚ: "ﻛﺎﻥ ﺃﻋﺮﻑ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ ﺑﻌﺪ ﺣﻔﺺ ﺍﻟﻔﺮﺩ، ﺍﻟﻜﺮﺍﺑﻴﺴﻲ‏"؛ ﺷﺮﻑ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻟﻠﺒﻐﺪﺍﺩﻱ (ﺹ ٥٩‏).
ﻗﺎﻝ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﺒﻨﻴﻪ ﻟَﻤَّﺎ ﺣﻀﺮﺗﻪ ﺍﻟﻮﻓﺎﺓ: "ﺗﻌﻠﻤﻮﻥ ﺃﺣﺪًﺍ ﺃﻋﻠﻢ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ ﻣﻨﻲ؟ ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﻻ، ﻗﺎﻝ: ﻓﺘﺘﻬﻤﻮﻧﻲ؟ ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﻻ، ﻗﺎﻝ: فإني ﺃُﻭﺻﻴﻜﻢ، ﺃﺗﻘﺒﻠﻮﻥ؟ ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﻧﻌﻢ، ﻗﺎﻝ: ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺑﻤﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ؛ ﻓﺈﻧﻲ ﺭﺃﻳﺖ ﺍﻟﺤﻖ معهم"؛ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ ﻓﻲ‏ ﺳﻴﺮ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ ‏(٥٤٨/١٠)، ﻭﻓﻲ ﺷﺮﻑ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ‏ ‏(ﺹ ٥٦‏).

 • ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻧﻌﻴﻢ ﺑﻦ ﺣﻤﺎﺩ ‏(ت ٢٢٩ ﻫـ‏):

ﻗﺎﻝ ﻧﻌﻴﻢ ﺑﻦ ﺣﻤﺎﺩ: ‏"ﺃﻧﺎ ﻛﻨﺖ ﺟﻬﻤﻴًّﺎ؛ ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻋﺮَﻓﺖ ﻛﻼﻣﻬﻢ، ﻓﻠﻤﺎ ﻃﻠﺒﺖ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻋﺮَﻓﺖ ﺃﻥ ﺃﻣﺮﻫﻢ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻌﻄﻴﻞ"؛ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ ﻓﻲ ‏ﺳﻴﺮ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ ‏(٥٩٧/١٠)،‏ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ‌‏(ﺹ ٤٢٦).

 الإمام أبو الحسن الأشعري (ﺕ ٣٢٤ ﻫـ ‏):

قال في كتابه "الإبانة" الذي هو آخر مؤلفاته: "ﻗﻮﻟﻨﺎ اﻟﺬﻱ ﻧﻘﻮﻝ ﺑﻪ، ﻭﺩﻳﺎﻧﺘﻨﺎ اﻟﺘﻲ ﻧﺪﻳﻦ ﺑﻬﺎ، اﻟﺘﻤﺴُّﻚ ﺑﻜﺘﺎﺏ اﻟﻠﻪ ﺭﺑﻨﺎ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ، ﻭﺑﺴُﻨَّﺔ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﻣﺎ ﺭﻭي ﻋﻦ اﻟﺴﺎﺩﺓ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭاﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﻭﺃﺋﻤﺔ اﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻭﻧﺤﻦ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻌﺘﺼﻤﻮﻥ، ﻭﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﻪ ﺃﺑﻮ ﻋﺒﺪاﻟﻠﻪ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ - ﻧﻀَّﺮ اﻟﻠﻪ ﻭﺟﻬﻪ ﻭﺭﻓﻊ ﺩﺭﺟﺘﻪ ﻭﺃﺟﺰﻝ ﻣﺜﻮﺑﺘﻪ - ﻗﺎﺋﻠﻮﻥ، ﻭﻟﻤﺎ ﺧﺎﻟَﻒَ ﻗﻮﻟَﻪ ﻣﺨﺎﻟﻔﻮﻥ؛ ﻷﻧﻪ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻔﺎﺿﻞ، ﻭاﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﻜﺎﻣﻞ اﻟﺬﻱ ﺃﺑﺎﻥ اﻟﻠﻪ ﺑﻪ اﻟﺤﻖَّ، ﻭﺩﻓﻊ ﺑﻪ اﻟﻀﻼﻝ، ﻭﺃﻭﺿﺢ ﺑﻪ اﻟﻤﻨﻬﺎﺝ، ﻭﻗﻤﻊ ﺑﻪ ﺑﺪﻉ اﻟﻤﺒﺘﺪﻋﻴﻦ، ﻭﺯيغَ اﻟﺰاﺋﻐﻴﻦ، ﻭﺷﻚَّ اﻟﺸﺎﻛِّﻴﻦ، ﻓﺮﺣﻤﺔ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺇﻣﺎﻡ ﻣﻘﺪﻡ، ﻭﺟﻠﻴﻞ ﻣُﻌﻈَّﻢ، ﻭﻛﺒﻴﺮ ﻣﻔﻬﻢ"؛ الإبانة عن أصول الديانة (ص، ٢١،٢٠).

 • ﺇﻣﺎﻡ ﺍﻟﺤﺮﻣﻴﻦ ﺍﻟﺠﻮﻳﻨﻲ ‏(ﺕ ٤٧٨ ﻫـ‏):

• ﻗﺎﻝ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ تعالى: ‏"ﻗﺮﺃﺕ ﺧﻤﺴﻴﻦ ﺃﻟﻔًﺎ ﻓﻲ ﺧﻤﺴﻴﻦ ﺃﻟﻔًﺎ، ﺛﻢ ﺧﻠﻴﺖ ﺃﻫﻞ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﺈﺳﻼﻣﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﻋﻠﻮﻣﻬﻢ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ، ﻭﺭﻛﺒﺖ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻟﺨِﻀَﻢَّ، ﻭﻏُﺼﺖُ ﻓﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻬﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻹﺳﻼﻡ، ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﺤﻖ، ﻭﻛﻨﺖ ﺃﻫﺮﺏ ﻓﻲ ﺳﺎﻟﻒ ﺍﻟﺪﻫﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ، ﻭﺍﻵﻥ ﻓﻘﺪ ﺭﺟﻌﺖ ﺇﻟﻰ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﺤﻖ، ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺑﺪﻳﻦ ﺍﻟﻌﺠﺎﺋﺰ، ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﻳُﺪﺭﻛﻨﻲ ﺍﻟﺤﻖُّ ﺑﻠﻄﻴﻒ ﺑﺮِّﻩ، ﻓﺄﻣﻮﺕ ﻋﻠﻰ ﺩﻳﻦ ﺍﻟﻌﺠﺎﺋﺰ ‏[ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﻔﻄﺮﺓ‏]، ﻭﻳﺨﺘﻢ ﻋﺎﻗﺒﺔ ﺃﻣﺮﻱ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺮﺣﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻹﺧﻼﺹ: ﻻ إﻟﻪ إﻻ ﺍﻟﻠﻪ، ﻓﺎﻟﻮﻳﻞ ﻻﺑﻦ ﺍﻟﺠﻮﻳﻨﻲ"؛ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ ﻓﻲ ‏ﺳﻴﺮ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ ‏(٤٧١/١٨‏)، ﻭﺍﺑﻦ ﺍﻟﺠﻮﺯﻱ ﻓﻲ ﺗﻠﺒﻴﺲ ﺇﺑﻠﻴﺲ ‏(١٥٥‏).

 وﻗﺎﻝ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ تعالى:‏ "ﻟﻮ ﺍﺳﺘﻘﺒﻠﺖُ ﻣﻦ ﺃﻣﺮﻱ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﺪﺑﺮﺕُ، ﻣﺎ ﺍﺷﺘﻐﻠﺖ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ"؛ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ، ﺳﻴﺮ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ ‏(٤٧٣/١٨‏)، ﻭﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ، ﺻﻮﻥ ﺍﻟﻤﻨﻄﻖ ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻦ ﻓﻦ ﺍﻟﻤﻨﻄﻖ ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ، ‏(ﺹ ١٨٠‏).

ﻗﺎﻝ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ: "ﻳﺎ ﺃﺻﺤﺎﺑﻨﺎ، ﻻ ﺗَﺸﺘﻐﻠﻮﺍ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ، ﻓﻠﻮ ﻋﺮَﻓﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻳﺒﻠﻎ ﺑﻲ ﻣﺎ ﺑﻠﻎ، ﻣﺎ ﺍﺷﺘﻐﻠﺖ ﺑﻪ"؛ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ، ﺳﻴﺮ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ ‏(٤٧٤/١٨‏)، ﻭﺍﺑﻦ أﺑﻲ ﺍﻟﻌﺰ ﺍﻟﺤﻨﻔﻲ ﻓﻲ‏ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﻄﺤﺎﻭﻳﺔ ‏(ﺹ ٢٠٩‏).

 وﻗﺎﻝ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ تعالى ﻓﻲ ﻣﺮﺽ ﻣﻮﺗﻪ: "ﺍﺷﻬﺪﻭﺍ ﻋﻠﻲَّ ﺃﻧﻲ ﻗﺪ ﺭﺟﻌﺖ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﻘﺎﻟﺔ ﺗُﺨﺎﻟﻒ ﺍﻟﺴﻨﺔ، ﻭﺃﻧﻲ أﻣﻮﺕ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻤﻮﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﺠﺎﺋﺰ ﻧﻴﺴﺎﺑﻮﺭ"؛ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ، ﺳﻴﺮ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ ‏(٤٧٤/١٨‏)، ﻭﺍﻧﻈﺮ: ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ‏(١٩١/٥‏) ﻟﻠﺴﺒﻜﻲ.

 الإمام ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﻟﻲ ‏(ﺕ٥٠٥ ﻫـ‏):

ﺭﺟﻊ ﻓﻲ ﺁﺧﺮ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﻋﻘﻴﺪﺓ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ، ﻭﺃﻛﺐَّ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ، ﻭﺫﻡ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﺃﻫﻠﻪ،  ﻭﺻﻨَّﻒ ﺇﻟﺠﺎﻡ ﺍﻟﻌﻮﺍﻡ ِّﻋﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻜﻼﻡ"

 ﻗﺎﻝ: "ﺇﻥ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺭﺿﻮﺍﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣﺤﺘﺎﺟﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﻣﺤﺎﺟَّﺔ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻓﻲ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﻧﺒﻮﺓ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻓﻤﺎ ﺯﺍﺩﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﺩﻟَّﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺷﻴﺌًﺎ، ﻭﻣﺎ ﺭﻛﺒﻮﺍ ﻇﻬﺮ ﺍﻟﻠﺠﺎﺝ ﻓﻲ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻤﻘﺎﻳﻴﺲ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ، ﻭﺗﺮﺗﻴﺐ ﺍﻟﻤﻘﺪِّﻣﺎﺕ، ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻟﻌﻠﻤﻬﻢ ﺑﺄﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﺜﺎﺭ ﺍﻟﻔﺘﻦ، ﻭﻣﻨﺒﻊ ﺍﻟﺘﺸﻮﻳﺶ، ﻭﻣَﻦْ ﻻ ﻳﻘﻨﻌﻪ ﺃﺩﻟَّﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻻ ﻳﻘﻤﻌﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﺴﻴﻒ ﻭﺍﻟﺴﻨﺎﻥ، ﻓﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺑﻴﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻴﺎﻥ"؛ ‏ﺇﻟﺠﺎﻡ ﺍﻟﻌﻮﺍﻡ ِّﻋﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻜﻼﻡ ‏(ﺹ ٩٠،٨٩).

 •  ﻓﺨر ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ‏ (ﺕ ٦٠٦ ﻫـ‏):

ﻗﺎﻝ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ تعالى ﻓﻲ ﺁﺧﺮ ﻋﻤﺮﻩ: "ﻟﻘﺪ ﺗﺄﻣَّﻠﺖ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﻜﻼﻣﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ، ﻓﻤﺎ ﺭﺃﻳﺘُﻬﺎ ﺗُﺸﻔﻲ عليلًا، ﻭﻻ ﺗﺮﻭﻱ غليلًا، ﻭﺭﺃﻳﺖُ أﻗﺮﺏ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﻃﺮﻳﻖ القرآن، أقرأ ﻓﻲ ﺍﻹﺛﺒﺎﺕ: ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ [طه: 5]، ﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ ﴾ [فاطر: 10]، ﻭأﻗﺮﺃ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﻲ: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ [الشورى: 11]، ﻭﻣﻦ ﺟﺮﺏ ﻣﺜﻞ ﺗﺠﺮﺑﺘﻲ ﻋﺮَﻑ ﻣﺜﻞ ﻣﻌﺮﻓﺘﻲ"؛ ﺳﻴﺮ ﺃﻋﻼﻡ اﻟﻨﺒﻼء للذهبي (٥٠٠،٥٠١/٢١).

 ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ (‏٦٨/٧)، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻊ ﻏﺰﺍﺭﺓ ﻋﻠﻤﻪ ﻓﻲ ﻓﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻳﻘﻮﻝ: ﻣﻦ ﻟﺰﻡ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﻌﺠﺎﺋﺰ ﻛﺎﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﺎﺋﺰ، ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮﺕ ﻭﺻﻴﺘﻪ ﻋﻨﺪ ﻣﻮﺗﻪ، ﻭﺃﻧﻪ ﺭﺟﻊ ﻋﻦ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺴﻠﻒ، ﻭﺗﺴﻠﻴﻢ ﻣﺎ ﻭﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺍﻟﻼﺋﻖ ﺑﺠﻼﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ.

 ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺼﻼﺡ: ﺃﺧﺒﺮﻧﻲ ﺍﻟﻘﻄﺐ ﺍﻟﻄﻮﻋﺎﻧﻲ ﻣﺮﺗﻴﻦ ﺃﻧﻪ ﺳﻤِﻊَ ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮَّﺍﺯﻱ ﻳﻘﻮﻝ: ﻳﺎ ﻟﻴﺘﻨﻲ ﻟﻢ ﺃﺷﺘﻐﻞ ﺑﻌﻠﻢ ﺍﻟﻜﻼﻡ، ﻭﺑﻜﻰ؛ ﺍﻧﺘﻬﻰ؛ ﺷﺬﺭﺍﺕ ﺍﻟﺬﻫﺐ (٤١/٧).

وقال في نهاية كتابه أقسام الذات: (ص، ٢٦٢)

نهايةُ إقدام العُقول عِقال 
ﻭﺃﻛﺜﺮُ ﺳﻌﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﺿﻼﻝُ 
ﻭﺃﺭﻭﺍﺣﻨﺎ ﻓﻲ ﻭَﺣﺸﺔٍ ﻣﻦ ﺟﺴﻮﻣﻨﺎ 
ﻭﺣﺎﺻﻞُ ﺩﻧﻴﺎﻧﺎ أذًى ﻭﻭﺑﺎﻝُ 
ﻭﻟﻢ ﻧﺴﺘﻔِﺪ ﻣﻦ ﺑﺤﺜﻨﺎ ﻃﻮﻝَ ﻋُﻤﺮﻧﺎ 
ﺳﻮﻯ ﺃﻥ ﺟﻤَﻌﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﻗﻴﻞَ ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ.

( الجزء الاول 1 )

سبحان ربي رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين

понедельник, 17 июня 2019 г.

أقوال الطوائف المنتسبة للإسلام في مسألة العلو ثلاثة أقوال. 


قال الذهبي مبينا هذا:


١ ـ مقالة السلف وأئمة السنة بل والصحابة والله ورسوله والمؤمنين : أن الله في السماء وأن الله على العرش وأن الله فوق سماواته ، وحجتهم على ذلك النصوص والآثار .

٢ ـ ومقالة الجهمية أنه في جميع الأمكنة .

٣ ـ ومقالة متأخري المتكلمين أن الله ليس في السماء ولا على العرش ولا على السماوات ولا في الأرض ولا داخل العالم ولا خارج العالم ولا هو بائن عن خلقه ولا متصل بهم. [«العلو للعلي الغفار»: ص/143]

وقال الذهبي أيضا: "وَالله فَوق عَرْشه كَمَا أجمع عَلَيْهِ الصَّدْر الأول وَنَقله عَنْهُم الْأَئِمَّة، وَقَالُوا ذَلِك رادين على الْجَهْمِية الْقَائِلين بِأَنَّهُ فِي كل مَكَان محتجين بقوله {وَهُوَ مَعكُمْ} (الحديد: ٤) فهذان الْقَوْلَانِ هما اللَّذَان كَانَا فِي زمن التَّابِعين وتابعيهم وهما قَولَانِ معقولان فِي الْجُمْلَة.

فَأَما القَوْل الثَّالِث الْمُتَوَلد أخيرا من أَنه تَعَالَى لَيْسَ فِي الْأَمْكِنَة وَلَا خَارِجا عَنْهَا وَلَا فَوق عَرْشه وَلَا هُوَ مُتَّصِل بالخلق وَلَا بمنفصل عَنْهُم وَلَا ذَاته المقدسة متحيزة وَلَا بَائِنَة عَن مخلوقاته وَلَا فِي الْجِهَات وَلَا خَارِجا عَن الْجِهَات وَلَا وَلَا... فَهَذَا شَيْء لَا يعقل وَلَا يفهم مَعَ مَا فِيهِ من مُخَالفَة الْآيَات وَالْأَخْبَار". [«العلو للعلي الغفار»: ص/596]


فالقول الأول 


 وهو اعتقاد أن الله فوق سماواته وعلى عرشه حقيقةً هو قول أهل السنة من الصحابة فمَن بعدهم ، وهو أول الأقوال ظهورا

أما القول الثاني


 وهو اعتقاد أن الله في كل مكان فهو قول حدث في مطلع القرن الثاني على يد الجهمية، وقد قال به بعض الأشاعرة كما نقل الإمام السجزي في رسالته، وقال: "وبعض أصحابه (الأشعري) وافق المعتزلة وسائر الجهمية في قولهم: إن الله بذاته في كل مكان وذكر عن بشر المريسي أنه قيل له: فهو في جوف حمارك؟ فقال: نعم". ["الرد على من أنكر الحرف والصوت": ص/192]

وكثيرٌ ممن يعبّر بالقول في كل مكان ـ ولا أقول أكثر ـ لا يريد به إنه بذاته حالّ في كل مكان ، وإن كان هو مراد آخرين منهم وإنما لجأ أولئك الكثير إلى هذه العبارة ليفر من الجهة، وإلا فمقصوده إنه لا يوجد في مكان معين وجهة معينة .

قال عبد العزيز الكناني (ت. 240 هـ) : "فَلَمَّا شَنَّعْت مَقَالَتَهُ (أي الجهمي) قَالَ: أَقُولُ: إنَّ اللَّهَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، لَا كَالشَّيْءِ فِي الشَّيْءِ، وَلَا كَالشَّيْءِ عَلَى الشَّيْءِ، وَلَا كَالشَّيْءِ خَارِجًا عَنْ الشَّيْءِ، وَلَا مُبَايِنًا لِلشَّيْءِ". [«مجموع الفتاوى»: 5/317، «درء التعارض»: 6/119]

قال ابن قتيبة (ت. 276 هـ) : "والعجب لقوم لا يؤمنون إلا بما يصح في المعقول، ثم خرجوا من كل معقول بقولهم: "إن الله في كل مكان بغير مماسة ولا مباينة وبغير موافقة ولا مفارقة". ["الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية والمشبهة": ص/47]

وقال الدارمي (ت. 280 هـ) عن بعض الجهمية: "قَالَ بَعْضُهُمْ: العَرْشُ أَعْلَى الخَلْقِ، وَاللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَبِكُلِّ مَكَانٍ غَيْرَ مَحْوِيٍّ وَلَا مُلَازِقٍ، وَلَا مُمَازِجٍ، وَلَا بَائِنٍ بِاعْتِزَالٍ، وَبِفُرْجَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ، لَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ عَلَى العَرْشِ؛ كَجِسْمٍ عَلَى جِسْمٍ'. [«النقض على المريسي»: ص/164]

وقال محمد بن  عثمان بن أبي شيبة (ت. 297 هـ) : ذكروا أن الجهمية يقولون: "ليس بين الله عز وجل وبين خلقه حجاب، وأنكروا العرش، وأن يكون الله فوقه، وفوق السموات، وقالوا: إن الله في كل مكان". [«العرش وما روي فيه»: ص/276-281]

وقال ابن خزيمة (ت. 311 هـ) : "وفِي الأخْبارِ دَلالَةٌ واضِحَةٌ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ عُرِجَ بِهِ مِنَ الدُّنْيا إلى السَّماءِ السّابِعَةِ، وأنَّ اللَّهَ تَعالى فَرَضَ عَلَيْهِ الصَّلَواتِ عَلى ما جاءَ فِي الأخْبارِ، فَتِلْكَ الأخْبارُ كُلُّها دالَّةٌ عَلى أنَّ الخالِقَ البارِئَ فَوْقَ سَبْعِ سَماواتِهِ لا عَلى ما زَعَمَتِ المُعَطِّلَةُ: أنَّ مَعْبُودَهُمْ هُوَ مَعَهُمْ فِي مَنازِلِهِمْ، وكَفَنِهِمْ عَلى ما هُوَ عَلى عَرْشِهِ قَدِ اسْتَوى..." [«

وأما القول الثالث 

 وهو اعتقاد أن الله لا يوجد في داخل هذا العالَم ولا يوجد في خارجه ولا يوجد فوقه ولا تحته ولا يوجد في أي جهة من الجهات ولا هو بمتصل بالعالم ولا بمنفصل عنه ، فهو قول محدث قال به الأشاعرة ولم يكن مشهورا قبل المائة الثالثة ، سوى ما نقله الأشعري عن المعتزلة (وهم جهمية في الصفات) في قولهم بأن الله لا يوجد في مكان. [«مقالات الإسلاميين»: ص/212]


ذكر من قال: "إن الله ليس داخل العالم ولا خارجه" من الأشاعرة والفلاسفة والجهمية و غيرهم:


قال أبو المظفر الإسفراييني الشافعي (ت. 471 ه‍ـ) : "وأن تعلم أن الحركة و السكون...والاتصال والانفصال...والجهات كلها لا تجوز عليه تعالى لأن جميعها يوجب الحد والنهاية". [«التبصير في الدين» ص/160]

وقال أبو سعيد المتولي الشافعي الأشعري (ت. 478 ه‍ـ) : "لو كان على العرش على ما زعموا لكان لا يخلو إما أن يكون مثل العرش أو أصغر منه أو أكبر، وفي جميع ذلك إثبات التقدير والحد والنهاية وهو كفر". [«الغنية في أصول الدين»: ص/74]

وكان المتولي يكفر من يثبت الاتصال والانفصال لله تعالى كما نقل عنه النووي: "قال المتولي "من اعتقد قدم العالم أو حدوث الصانع أو أثبت ما هو منفي للقديم بالإجماع كالالوان أو أثبت له الاتصال أو الانفصال كان كافراً". [«روضة الطالبين» : 10/64]

وقال الغزالي (ت. 505 ه‍ـ) : "ندعي أنه ليس في جهة مخصوصة من الجهات الست .... فإن قيل: فنفي الجهة يؤدي إلى المحال وهو إثبات موجود تخلو عنه الجهات الست، ويكون لا داخل العالم ولا خارجه ولا متصلاً به ولا منفصلاً عنه وذلك محال ....". ثم أجاب عن هذا مؤكداً عدم امتناع اتصاف الله بما ذُكر. [«الاقتصاد في الاعتقاد»: ص/81-74]

وقال الشهرستاني (ت. 548 ه‍ـ) : "فإنا نقول: ليس بداخل في العالم ولا خارج". [«نهاية الإقدام على علم الكلام» : ص/67]

وقال ابن الجوزي (ت. 597 ه‍ـ) : "وكذا ينبغي أن يقال ليس بداخل في العالم وليس بخارج منه لأن الدخول والخروج من لوازم المتحيزات". [«دفع شبه التشبيه»: ص/9]

وقال العز بن عبد السلام (ت. 660 ه‍ـ) : "أنه تعالى لا داخل العالم ولا خارجه ولامنفصل عن العالم ولا متصل به". [«قواعد الأحكام في مصالح الأنام» : 1/201]

وقال مسعود بن عمر التفتازاني (ت. 793 ه‍ـ) : "وإذا لم يكن في مكان: لم يكن في جهة، لا علو، ولا سفل، ولا غيرهما..". [«شرح العقائد النسفية» ص/33-32]

وقال البيجوري (ت. 1276 ه‍ـ) في شرح الجوهرة في شرح قول الناظم "ويستحيل ضد ذي الصفات ... في حقه كالكون في الجهات": "فليس فوق العرش ولا تحته، ولا عن يمينه ولا عن شماله ... فليس له فوق ولا تحت، ولا يمين ولا شمال ..".[«شرح جوهرة التوحيد»: ص/163]

وكذا نسبه ابن خلدون (ت. 808 ه‍ـ) للفلاسفة وجعله قولهم، قال: «يقع كثيرا في كلام أهل العقائد من علماء الحديث والفقه أنّ الله تعالى مباين لمخلوقاته. ويقع للمتكلّمين أنّه لا مباين ولا متّصل. ويقع للفلاسفة أنّه لا داخل العالم ولا خارجه». [مقدمة ابن خلدون: ص/282]

وهو قول ابن سينا (ت. 428 ه‍ـ) كما في رسالته الأضحوية: «أنه ذات واحدة لا يمكن أن تكون خارجة عن العالم أو داخلة فيه ، ولا بحيث تصح الإشارة إليه أنه هناك». [«الرسالة الأضحوية»: ص/44-51]

وحكاه عن الجهمية الإمام خشيش بن أصرم (ت. 253 هـ) كما نقل أبو الحسين الملطي الشافعي قوله عنهم: "ومنهم صنف قالوا لا نقول إن الله بائن من الخلق ولا غير بائن ولا فوقهم ولا تحتهم ولا بين أيمانهم ولا عن شمائلهم". [«التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع» : ص/97]


ذكر من اعتبر وصفهم لله وصفا بالعدم:


1 - فها هو المتكلم بل إمام أهل الكلام عند الأشاعرة وهو ابن كلاب يحكم على هذا الاعتقاد عقلا بأنه وصف لله بالعدم. قال ابن كلاب (ت. 240 هـ) : "أخرج من النظر والخبر قول من قال لا هو في العالم ولا خارجا عنه ، فنفاه نفيا مستويا ، لأنه لو قيل له صفه بالعدم ما قدر أن يقول أكثر من هذا... إن قالوا لا فوق ولا تحت ، أعدموه لأن ما كان لا فوق ولا تحت عدم". [«مجموع الفتاوى» 318/5-317، «اجتماع الجيوش الإسلامية»: ص/432، «لوامع الأنوار البهية»: 1/209]

2 - وأيضا ممن أنكر هذا الاعتقاد عبدُ العزيز الكناني (ت. 240 ه‍ـ) ، فقد نقل كما سبق عمن وصفه الكناني بالجهمي قوله: "لَا كَالشَّيْءِ فِي الشَّيْءِ، وَلَا كَالشَّيْءِ عَلَى الشَّيْءِ، وَلَا كَالشَّيْءِ خَارِجًا عَنْ الشَّيْءِ، وَلَا مُبَايِنًا لِلشَّيْءِ". ثم قال عبد العزيز: "يُقَالُ لَهُ: أَصْلُ قَوْلِك: الْقِيَاسُ وَالْمَعْقُولُ فَقَدْ دَلَّلْت بِالْقِيَاسِ وَالْمَعْقُولِ عَلَى أَنَّك لَا تَعْبُدُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ شَيْئًا دَاخِلًا فِي الْقِيَاسِ وَالْمَعْقُولِ لَأَنْ يَكُونَ دَاخِلًا فِي الشَّيْءِ أَوْ خَارِجًا عَنْهُ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي قَوْلِك شَيْئًا اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ فِي الشَّيْءِ أَوْ خَارِجًا مِنْ الشَّيْءِ فَوَصَفْت - لَعَمْرِي - مُلْتَبِسًا لَا وُجُودَ لَهُ وَهُوَ دِينُك وَأَصْلُ مَقَالَتِك: التَّعْطِيلُ". [«مجموع الفتاوى»: 5/317، «درء التعارض»: 6/119]

3 - وقال الإمامُ تلميذُ الأئمة ، المتفق على إمامته كما نص على ذلك العلماء ، ألا وهو أبو سعيد الدارمي (ت. 280 هـ) : وَكَيْفَ يَهْتَدِي بِشْرٌ (المريسي) لِلتَّوْحِيدِ، وَهُوَ لَا يَعْرِفُ مَكَانَ وَاجِدِهِ، وَلَا هُوَ بِزَعْمِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ بِوَاجِدِهِ، فَهُوَ إِلَى التَّعْطِيلِ أَقْرَبُ مِنْهُ إِلَى التَّوْحِيدِ، وَوَاجِدُهُ بِالمَعْدُومِ أَشْبَهُ مِنْهُ بِالمَوْجُودِ. [«النقض على المريسي»: ص/42]

4 - قال أبو نصر السجزي (ت. 444 هـ) : "وزعم الأشعري: أن الله سبحانه غير ممازج للخلق وغير مباين لهم، والأمكنة غير خالية منه، وغير ممتلية به. وهذا كلام مسفت لا معنى تحته، وتحقيقه النفي بعد الإثبات". ["الرد على من أنكر الحرف والصوت": ص/192]

5 - قال ابن قدامة المقدسي (ت. 620 هـ) : "ويقولون: الله حي موجود يرى في القيامة، ولكن ما هو في سماء ولا أرض، ولا فوق ولا تحت، ولا يمين ولا شمال، ولا يعقل وجوده على هذه الصفة". [«البرهان في بيان القرآن»: ص/162]

6 - وقال الحافظ الذهبي (ت. 748 هـ) : "فَإِن هَذِه السلوب نعوت الْمَعْدُوم تَعَالَى الله جلّ جَلَاله عَن الْعَدَم بل هُوَ مَوْجُود متميز عَن خلقه مَوْصُوف بِمَا وصف بِهِ نَفسه من أَنه فَوق الْعَرْش بِلَا كَيفَ". [«العلو للعلي الغفار»: ص/143]

 7 - وقال الفيروز آبادي (ت. 817 هـ) صاحب "القاموس المحيط"  ناقلا كلام الإمام الأنصاري مقرا ومحتجا به: "... فإِنَّ المعطل جاحِدٌ للذَّات أَو لكمالها، وهو جحد لحقيقة الإِلهية، فإِنَّ ذاتاً لا تسمعُ ولا تُبْصِر ولا تَتَكَلَّم ولا ترضَى ولا تَغْضَب ولا تَفْعَل شيئاً، وليست داخلَ العالَمِ ولا خارجه ولا متَّصِلَة بالعالَمِ ولا مُنْفَصِلَة ولا مُجانِبَة ولا مُباينة ولا فَوْقَ العَرْشِ ولا تَحْته ولا خَلْفَه ولا أَمامَه ولا عن يَمِينهِ ولا عن شِمالِه، سواءٌ والعَدَم. والمشرك مقرّ بالله وصفاته/ ولكن عنده معه غيره، فمُعَطِّل الذات والصّفات شَرٌّ منه". [«بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز»: 402/5]

8 - وقال محمد الشوكاني (ت. 1250 هـ) : "قد رَأَيْت مَا يَقُوله كثير مِنْهُم ويذكرونه فِي مؤلفاتهم ويحكونه عَن أكابرهم إِن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وتنزه وتقدس لَا هُوَ جسم وَلَا جَوْهَر وَلَا عرض وَلَا دَاخل الْعَالم وَلَا خَارجه!! فأنشدك الله أَي عبارَة تبلغ مبلغ هَذِه الْعبارَة فِي النَّفْي؟! وَأي مُبَالغَة فِي الدّلَالَة على هَذَا النَّفْي تقوم مقَام هَذِه الْمُبَالغَة؟! فَكَانَ هَؤُلَاءِ فِي فرارهم من شُبْهَة التَّشْبِيه إِلَى هَذَا التعطيل..". [«التحف في مذاهب السلف»: ص/23]


ذكر من اعترف من الأشاعرة برفض عوام الناس عقيدتهم:


قال أبو حامد الغزالي (ت. 505 هـ): "قلنا: من رأى هذا حقيقة الحق اعتذر بأن هذا لو ذكره لنفر الناس عن قبوله ، ولبادروا بالإنكار وقالوا هذا عين المحال ، ووقعوا في التعطيل ، ولا خير في المبالغة في تنزيه يُنتج التعطيل في حق الكافة إلا الأقلين ، وقد بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم داعياً للخلق إلى سعادة الآخرة رحمة للعالمين ، كيف ينطق بما فيه هلاك الأكثرين...وأما إثبات موجود في الاعتقاد على ما ذكرناه من المبالغة في التنزيه شديد جداً بل لا يقبله واحد من الألف لا سيما الأمة الأمية". [«إلجام العوام عن علم الكلام»: ص/56-57]

وقال نفسه في الإحياء: "وكذلك النظر إلى ذات الله تعالى يورث الحيرة والدهش واضطراب العقل ، فالصواب إذن أن لا يتعرض لمجاري الفكر في ذات الله سبحانه وصفاته فإن أكثر العقول لا تحتمله بل القدر اليسير الذي صرح به بعض العلماء وهو أن الله تعالى مقدس عن المكان ومنزه عن الأقطار والجهات وأنه ليس داخل العالم ولا خارجه ولا هو متصل بالعالم ولا هو منفصل عنه قد حير عقول أقوام حتى أنكروه إذ لم يطيقوا سماعه ومعرفته". [«إحياء علوم الدين»: 4/434]


وقال ابن عساكر (ت. 571 هـ) : "فَإِن قيل إِن الجم الْغَفِير فِي سَائِر الْأَزْمَان وَأكْثر الْعَامَّة فِي جَمِيع الْبلدَانِ لَا يقتدون بالأشعري وَلَا يقلدونه وَلَا يرَوْنَ مذْهبه وَلَا يعتقدونه وهم السوَاد الْأَعْظَم وسبيلهم السَّبِيل الأقوم قيل لَا عِبْرَة بِكَثْرَة الْعَوام وَلَا الْتِفَات إِلَى الْجُهَّال الغتام وَإِنَّمَا الِاعْتِبَار بأرباب الْعلم والاقتداء بأصحاب البصيرة والفهم..". [«تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الأشعري»: ص/331]

وقال العز بن عبد السلام (ت. 660 هـ) : "وَكُلُّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ تَصْوِيبٌ لِلْمُجْتَهِدِينَ فِيهِ بَلْ الْحَقُّ مَعَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَالْبَاقُونَ مُخْطِئُونَ خَطَأً مَعْفُوًّا عَنْهُ لِمَشَقَّةِ الْخُرُوجِ مِنْهُ وَالِانْفِكَاكِ عَنْهُ، وَلَا سِيَّمَا قَوْلُ مُعْتَقِدِ الْجِهَةِ فَإِنَّ اعْتِقَادَ مَوْجُودٍ لَيْسَ بِمُتَحَرِّكٍ وَلَا سَاكِنٍ وَلَا مُنْفَصِلٍ عَنْ الْعَالَمِ وَلَا مُتَّصِلٍ بِهِ، وَلَا دَاخِلٍ فِيهِ وَلَا خَارِجٍ عَنْهُ لَا يَهْتَدِي إلَيْهِ أَحَدٌ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ فِي الْعَادَةِ، وَلَا يَهْتَدِي إلَيْهِ أَحَدٌ إلَّا بَعْدَ الْوُقُوفِ عَلَى أَدِلَّةٍ صَعْبَةِ الْمُدْرَكِ عَسِرَةِ الْفَهْمِ فَلِأَجْلِ هَذِهِ الْمَشَقَّةِ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا فِي حَقِّ الْعَادِي.
وَلِذَلِكَ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُلْزِمُ أَحَدًا مِمَّنْ أَسْلَمَ عَلَى الْبَحْثِ عَنْ ذَلِكَ بَلْ كَانَ يُقِرُّهُمْ عَلَى مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا انْفِكَاكَ لَهُمْ عَنْهُ، وَمَا زَالَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَالْعُلَمَاءُ الْمُهْتَدُونَ يُقِرُّونَ عَلَى ذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّ الْعَامَّةَ لَمْ يَقِفُوا عَلَى الْحَقِّ فِيهِ وَلَمْ يَهْتَدُوا إلَيْهِ، وَأَجْرُوا عَلَيْهِمْ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ مِنْ جَوَازِ الْمُنَاكَحَاتِ وَالتَّوَارُثِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ إذَا مَاتُوا وَتَغْسِيلِهِمْ وَتَكْفِينِهِمْ وَحَمْلِهِمْ وَدَفْنِهِمْ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَوْلَا أَنَّ اللَّهَ قَدْ سَامَحَهُمْ بِذَلِكَ وَعَفَا عَنْهُ لِعُسْرِ الِانْفِصَالِ مِنْهُ وَلَمَا أُجْرِيَتْ عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْإِلَهَ يَحِلُّ فِي شَيْءٍ مِنْ أَجْسَادِ النَّاسِ أَوْ غَيْرِهِمْ فَهُوَ كَافِرٌ لِأَنَّ الشَّرْعَ إنَّمَا عَفَا عَنْ الْمُجَسَّمَةِ لِغَلَبَةِ التَّجَسُّمِ عَلَى النَّاسِ فَإِنَّهُمْ لَا يَفْهَمُونَ مَوْجُودًا فِي غَيْرِ جِهَةٍ بِخِلَافِ الْحُلُولِ فَإِنَّهُ لَا يَعُمُّ الِابْتِلَاءُ بِهِ وَلَا يَخْطِرُ عَلَى قَلْبِ عَاقِلٍ وَلَا يُعْفَى عَنْهُ". [«قواعد الأحكام في مصالح الأنام»: 1/201]

وقال الفخر الرازي (ت. 606 هـ) عند تفسير آية: ٢٣ من سورة الزمر : "فنقول : الإنسان إذا تأمل في الدلائل الدالة على أنه يجب تنزيه الله عن التحيز والجهة. فهنا يقشعر جلده ، لأن إثبات موجود لا داخل العالم ولا خارج ولا متصل بالعالم ولا منفصل عن العالم ، مما يصعب تصوره فههنا تقشعر الجلود". [«التفسير الكبير»: 26/282]

وقال الفخر الرازي أيضا: "واعلم أن العلماء المحققين ذكروا أنواعا من الفوائد في إنزال المتشابهات". ثم قال: "الخامس: وهو السبب الأقوى: أن القرآن مشتمل على دعوة الخواص، والعوام تنبوا في أكثر الأمور عن إدراك الحقائق العقلية المحضة، فمن سمع من العوام في أول الأمر إثبات موجود ليس بجسم ولا متحيز ولا مشار إليه!!، ظن أن هذا عدم محض فوقع في التعطيل، فكان الأصلح أن يخاطبوا بألفاظ دالة على بعض ما يناسب مما تخيلوه وتوهموه، ويكون مخلوطاً بما يدل على الحق الصريح، فالقسم الأول: وهو الذي يخاطبون به في أول الأمر يكون من باب المتشابهات، والقسم الثاني: وهو الذي يكشف لهم في آخر الأمر وهو المحكمات!!" [«أساس التقديس»: ص/192]

وقال سعد الدين التفتازاني (ت. 793 هـ) : «فإن قيل: إذا كان الدين الحق نفي الحيز والجهة فما بال الكتب السماوية والأحاديث النبوية مشعرة في مواضع لا تحصى بثبوت ذلك من غير أن يقع في موضع واحد منها تصريح بنفي ذلك وتحقيق كما كررت الدلالة على وجود الصانع ووحدته وعلمه وقدرته وحقيقة المعاد وحشر الأجساد في عدة مواضع وأكدت غاية التأكيد، مع أن هذا أيضاً حقيق بغاية التأكيد والتحقيق لما تقرر في فطرة العقلاء مع اختلاف الأديان والآراء من التوجه إلى العلو عند الدعاء ومد الأيدي إلى السماء؟
أجيب: بأنه لما كان التنزيه عن الجهة مما تقصر عنه عقول العامة حتى تكاد تجزم بنفي ما ليس في الجهة كان الأنسبُ في خطاباتهم والأقربُ إلى إصلاحهم والأليقُ بدعوتهم إلى الحق ما يكون ظاهراً في التشبيه وكون الصانع في أشرف الجهات مع تنبيهات دقيقة على التنزيه المطلق عما هو من سمة الحدوث» [«شرح المقاصد»: 2/50]


والحمد لله رب العالمين...

суббота, 30 марта 2019 г.

 ابن كلاب و الكلابية

 ⁦✔️⁩ بدعته في كلام الله:

 • قال أبو الحسن الأشعري (ت. 324 ه‍): "وزعم عبد الله بن كلاب أن ما نسمع التالين يتلونه هو عبارة عن كلام الله عز وجل وأن موسى عليه السلام سمع الله متكلماً بكلامه وأن معنى قوله: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللهِ} معناه: حتى يفهم كلام الله، ويحتمل على مذهبه أن يكون معناه: حتى يسمع التالين يتلونه". [مقالات الإسلاميين: ص/585]

 • قال السجزي (ت. 444 ه‍): "اعلموا - أرشدنا الله وإياكم- أنه لم يكن خلاف بين الخلق على اختلاف نِحَلهم من أول الزمان إلى الوقت الذي ظهر فيه ابن كلاب والقلانسي والصالحي والأشعري. وأقرانهم الذين يتظاهرون بالرد على المعتزلة وهم معهم بل أخس حالاً منهم في الباطن في أن الكلام لا يكون إلا حرفاً وصوتاً ذا تأليف واتساق وإن اختلفت به اللغات.... 
فالإجماع منعقد بين العقلاء على كون الكلام حرفاً وصوتاً فلما نبغ ابن كلاب وأضرابه وحاولوا الرد على المعتزلة من طريق مجرد العقل، وهم لا يخبرون أصول السنة، ولا ما كان السلف عليه، ولا يحتجون بالأخبار الواردة في ذلك زعماً منهم أنها أخبار آحاد، وهي لا توجب علماً وألزمتهم المعتزلة أن الاتفاق حاصل على أن الكلام حرف، وصوت، ويدخله التعاقب، والتأليف، وذلك لا يوجد في الشاهد إلا بحركة وسكون، ولا بد له من أن يكون ذا أجزاء وأبعاض، وما كان بهذه المثابة لا يجوز أن يكون من صفات ذات الله، لأن ذات الله سبحانه لا توصف بالاجتماع والافتراق، والكل والبعض، والحركة والسكون. وحكم الصفة الذاتية حكم الذات.
قالوا: فعلم بهذه الجملة أن الكلام المضاف إلى الله سبحانه خلق له أحدثه وأضافه إلى نفسه. كما تقول: عبد الله، وخلق الله وفعل الله.
فضاق بابن كلاب وأضرابه النفس عند هذا الإِلزام لقلة معرفتهم بالسنن، وتركهم قبولها وتسليمهم العنان إلى مجرد العقل، فالتزموا ما قالته المعتزلة وركبوا مكابرة العيان وخرقوا الإجماع المنعقد بين الكافة المسلم والكافر. وقالوا للمعتزلة: الذي ذكرتموه ليس بحقيقة الكلام، وإنما يسمى ذلك كلاما على المجاز لكونه حكاية أو عبارة عنه، وحقيقة الكلام: معنى قائم بذات المتكلم". [رسالة السجزي إلى أهل زبيد: 119-115]

 • قال الذهبي (ت. 748 ه‍): "فأحدث ابن كُلاب القول بأنه كلامٌ قائمٌ بذات الربّ بلا قدرة ولا مشيئة. فهذا لَم يكن يتصوّره عاقل، ولا خطرَ ببال الجمهور، حتى أحدث القول بِهِ ابن كُلاب". [تاريخ الإسلام: 5/ 982]

 • وقال عنه: وكَانَ يَقُوْلُ: بَأَنَّ القُرْآنَ قَائِمٌ بِالذَّاتِ بِلاَ قُدرَةٍ وَلاَ مَشِيْئَةٍ. وَهَذَا مَا سُبِقَ إِلَيْهِ أَبَداً، قَالَهُ فِي مُعَارَضَةِ مَنْ يَقُوْلُ بِخَلْقِ القُرْآنِ. [السير: 11/174]

 • قال ابن تيمية (ت. 728 ه‍): "ولهذا لم يقل هذا القول من طوائف المسلمين ولا غير المسلمين إلا ابن كلاب ومن اتبعه". [درء تعارض العقل والنقل: 4/113]

⁦✔️⁩ أقوال العلماء فيه وفي أتباعه:

 1) الإمام أحمد (ت. 241 ه‍)

• فقد ذكر الحاكم في ترجمة إمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة - رحمه الله تعالى - أنه قال:  فقد كان أحمد بن حنبل من أشد الناس على عبد الله بن سعيد بن كلاب، وعلى أصحابه مثل الحارث وغيره. نقله الذهبي في ["السير": 14/ 380، "درء تعارض العقل والنقل": 2/81]

• قال ابن البنا (ت. 471 ه‍): "هم يقولون: القرآن، عبارة عن هذه الحروف والأصوات والسور والآيات وليس هذا هو القديم عندهم وبهذه المقالة كفرهم أحمد حين قالها ابن كلاب". [المختار في أصول السنة: ص/97]

2) الإمام أبو بكر محمد بن خزيمة (ت. 311 ه‍)

• قال أبو بكر ابن خزيمة لما قال له أبو علي الثقفي : "ما الذي أنكرت أيها الأستاذ من مذاهبنا حتى نرجع عنه؟" قال: "ميلكم إلى مذهب الكلابية، فقد كان أحمد بن حنبل من أشد الناس على عبد الله بن سعيد بن كلاب، وعلى أصحابه مثل الحارث وغيره". ["سير أعلام النبلاء": 14/380، "درء تعارض العقل والنقل": 2/80]

• وقال أبو إسماعيل الأنصاري: سمعت إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني يقول: "استتيب الصِّبغي والثقفي على قبر ابن خزيمة"(يعني بتهمة الكلابية) ["ذم الكلام وأهله": 1328، "درء تعارض العقل والنقل": 2/82]

• وقال ابن خزيمة: : "مَنْ نَظَرَ فِي كُتُبِي الْمُصَنَّفَةِ فِي الْعِلْمِ، ظَهَرَ لَهُ وَبَانَ أَنَّ الْكِلابِيَّةَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ كَذَبَةٌ فِيمَا يَحْكُونَ عَنِّي، مِمَّا هُوَ خِلافُ أَصْلِي وَدِيَانَتِي، قَدْ عَرَفَ أَهْلُ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ أَنَّهُ لَمْ يُصَنِّفْ أَحَدٌ فِي التَّوْحِيدِ وَفِي أُصُولِ الْعِلْمِ مِثْلَ تَصْنِيفِي، فَالْحَاكِي عَنِّي خِلافَ مَا فِي كُتُبِي الْمُصَنَّفَةِ الَّتِي حُمِلَتْ إِلَى الآفَاقِ شَرْقًا وَغَرْبًا كَذَبَةٌ فَسَقَةٌ". [ذم الكلام وأهله: 1265، السير: 14/379]

• وقد ذكرَ شيخُ الإِسلام أبو إسماعيلَ الأنْصاري في "مناقب الِإمام أحمد" فتنة الكُلَّابية، وقال:
"فطارَ لتلك الفتنةِ ذاكَ الإِمام أبو بكْر -يعني ابنَ خُزَيمة- فلمْ يزَل يَصيحُ بتشويهها، ويُصَنِّفُ في ردِّها، كأنَّه مُنْذِر جيشٍ، حتى دَوَّنَ في الدَّفاتر، وتمكَّن في السَّرائر، ولقَّنَ في الكَتاتيب، ونقَشَ في المَحاريب: إنَّ الله متكلّمٌ، إن شاءَ تكلَّمَ، وإنْ شاءَ سكَتَ، فجَزى الله ذاك الِإمام، وأولئك النَّفرَ الغرَّ عن نُصْرة دينهِ وتوقير نبيِّه خَيرا". ["مجموع الفتاوى": 6/178]

3) الإمام محمد بن إسحاق السَّرَّاج محدث خراسان (ت. 313 هـ)

• قال الذهبي في ترجمته: قَالَ الحَاكِمُ: وَسَمِعْتُ أَبَا سَعِيْدٍ بنَ أَبِي بَكْرٍ يَقُوْلُ: لَمَّا وَقَعَ مِنْ أَمرِ الكُلاَّبِيَّةِ مَا وَقَعَ بِنَيْسَابُوْرَ، كَانَ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ يَمْتَحِنُ أَوْلاَدَ النَّاسِ، فَلاَ يُحَدِّثُ أَوْلاَدَ الكُلاَّبِيَّةِ، فَأَقَامَنِي فِي المَجْلِسِ مَرَّةً، فَقَالَ: قُلْ: أَنَا أَبْرَأُ إِلَى اللهِ - تَعَالَى - مِنَ الكُلاَّبِيَّةِ.
فَقُلْتُ: إِنْ قُلْتُ هَذَا، لاَ يُطْعِمُنِي أَبِي الخُبْزَ.
فَضَحِكَ، وَقَالَ: دَعُوا هَذَا. ["السير": 14/395]

4) أبو حامد أحمد بن محمد بن شارك الهروي الشافعي المفسر مفتي هراة وشيخها (ت. 355 ه‍) تلميذ أبي يعلى الموصلي صاحب المسند.

 • عن أبي حامد أحمد بن حمدان إجازة: "أن جده أبا حامد الشاركي في علته التي توفي فيها دخل عليه أبو عبد الله الفياضي وعنده أبو سعد الزاهد، فلما دخل، قام إليه الناس يعظمونه، ولم ينظر إليه أبو سعد، فقال أبو حامد: أسندوني، فأسندوه، فرفع صوته وكان منه من الشدة على الكلابية شأن". [ذم الكلام وأهله: 1281]

5) أبو علي حامد بن محمد الهروي الرَّفَّاء (ت. 356 ه‍) تلميذ أبي عثمان الدارمي وإبراهيم الحربي.

• كان أبو علي الرفاء يقول: "لعن الله الكلابية –وكان يشير بيده إلى دار فلان-. قال: ورأيته على المنبر طرف ردائه على رأسه". [ذم الكلام وأهله: 1280]

6) إبراهيم بن أحمد بن عمر أبو إسحاق بن شاقلا الحنبلي (ت. 369 ه‍)

• قال في مناظرة مع أبي سليمان الدمشقي له: "ثم قلت له: أنت مذهبك أن كلام الله عز وجل ليس بأمر ولا نهي، ولا متشابه ولا ناسخ ولا منسوخ، ولا كلامه مسموع، لأن عندك الله عز وجل لا يتكلم بصوت، وأن موسى لم يسمع كلام الله عز وجل بسمعه، وإنما خلق الله عز وجل في موسى فهماً فهم به.
فلما رأى ما عليه في هذا من الشناعة قال: فلعلي أخالف ابن الكلاب القطان في هذه المسألة من سائر مذهبه.". [طبقات الحنابلة: 2/135]

7) عبيدالله بن محمد ابن بطة (ت. 378 ه‍)

• وقال: وَمِنْ خُبَثَائِهِمْ وَمَنْ يَظْهَرُ فِي كَلَامِهِ اَلذَّبُّ عَنْ اَلسُّنَّةِ وَالنُّصْرَةُ لَهَا وَقَوْلُهُ أَخْبَثُ اَلْقَوْلِ: اِبْن كُلَّابٍ وَحُسَيْنٌ اَلنَّجَّارُ وَأَبُو بَكْرٍ اَلْأَصَمُّ وابن علية أعاذنا الله وإياكم من مقالتهم وعافانا وإياك من شرور مذاهبهم". [الإبانة الصغرى: 551]

8) الإمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن منده (ت. 395 ه‍) حافظ أصبهان

• قال: "ليتق الله امرؤ وليعتبر عن تقدم ممن كان القول باللفظ مذهبه ومقالته، كيف خرج من الدنيا مهجوراً مذموماً مطروداً من المجالس والبلدان لاعتقاده القبيح؟! وقوله الشنيع المخالف لدين الله مثل: الكرابيسي، والشواط، وابن كلاب، وابن الأشعري، وأمثالهم ممن كان الجدال والكلام طريقه في دين الله عز وجل". [ طبقات الحنابلة: 4/424، ذم الكلام وأهله: 1345]

9) أبو سعد أحمد بن محمد بن الخليل الأنصاري الهروي الماليني الشافعي (ت. 412 هـ)

• قال شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي الأنصاري: سمعت الشيخ أبا الحسن الماليني طاهر بن محمد يقول: "قيل لأبي سعد الزاهد: إنا أبا الحسن الديناري ناضل عنك عند سبكتكين، فقال: وإياه فلعن الله لأنه كلابي". [ذم الكلام وأهله: 1297]

10) شيخ خراسان أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين بن محمد الأزدي السلمي النيسابوري (ت. 412 هـ)

• قال شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي الأنصاري: سمعت أحمد بن أبي نصر يقول: "رأينا محمد بن الحسين السلمي يلعن الكلابية" [ذم الكلام وأهله: 1309]

11) عبد الرحمن بن علي بن أبي منصور أبو سعيد الطالقاني

• قال شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي الأنصاري: سمعت أبي يقول: "سمعت أبا سعيد الطالقاني غير مرة في مجلسه يلعن الكلابية، ويصرح باسم رئيس فيهم، وينسب أبا سعد إلى المداهنة". [ذم الكلام وأهله: 1334]

12) أبو نصر السجزي (ت. 444 ه‍)

• قال: "ثم بلي أهل السنة بعد هؤلاء بقوم يدعون أنهم من أهل الاتباع. وضررهم أكثر من ضرر المعتزلة وغيرهم، وهم: أبو محمد بن كلاب وأبو العباس القلانسي، وأبو الحسن الأشعري.
وبعدهم: محمد بن أبي تريد بسجستان وأبو عبد الله بن مجاهد بالبصرة.
وفي وقتنا: أبو بكر بن الباقلاني ببغداد، وأبو إسحاق الاسفرائيني وأبو بكر بن فورك بخراسان فهؤلاء يردون على المعتزلة بعض أقاويلهم. ويردون على أهل الأثر أكثر مما ردّوه على المعتزلة". [رسالة السجزي إلى أهل زبيد: 343-345]

13) أبو القاسم سعد بن علي الزنجاني (ت. 471 ه‍)

• قال في منظومته الرائية:

وَجَعْدٌ فَقَدْ أَرْدَاهُ خُبْثُ مَقَالِهِ * * * وَأَمَّا ابْنُ كُلاَّبٍ فَأَقْبِحْ بِمَا ذَكَرْ

[رقم البيت: 33]

14) محمد بن طاهر المقدسي القيسراني (ت. 507 ه‍)

وأما ابن كلاب فجاء ببدعة *** وجعد وجهم والمريسي ذوو الدبر 
وجاء ابن كرام بمين وفرية *** على الله والمبعوث منه وما شعر 
فهم أحدثوا هذا الكلام بعقلهم *** وكلهم عن منهج الحق قد عبر 
أرادوا به تشويش شرع محمد *** فما بلغوا ما أمّلوه من الغرر 

[الحجة على تارك المحجة: 202] 

15) قال محمد بن إسماعيل التيمي الأصبهاني (ت. 537 ه‍)

• قال: "أرادوا [يعني المعتزلة] نقض أصول الدين فلما لم يتم لهم ما قصدوه تبعهم الكلابي فوضع كلاماً ظاهره موافق، وباطنه موبق، وقال: لا أقول القرآن مخلوق، ولكن أقول إن الذي في مصاحفنا ليس كلام الله، ولكنه عبارة عن كلامه، وكلامه قديم قائم بذاته، ولا أنفي الاستواء، ولكن لا أقول: استوى بذاته ولا أنفي اليد، والوجه، ولكن أتأوّلها،فتأولها تأويلا ذهب عما كان عليه الصحابة والتابعون". ["الحجة في بيان المحجة": 2/550]

فاعتبر الإمام الأصبهاني مذهب ابن كلاب مذهبا موبقا وخارجا وذاهبا عن عقيدة السلف من الصحابة والتابعين.

16) أبو محمد عبدالقادر الجيلاني (ت. 561 ه‍)

• قال: فأصل ثلاث وسبعين فرقة عشرة: أهل السنة، والخوارج، والشيعة، والمعتزلة، والمرجئة، والمشبهة، والجهمية، والضرارية، والنجارية، والكلابية. [الغنية لطالبي طريق الحق: ص/75]

17) أبو طاهر أحمد محمد السلفي (ت. 576 ه‍)

• قال الحافظ الذهبي: أَنْبَأَنِي أَحْمَد بن سَلاَمَةَ، عَنِ الحَافِظ عَبْد الغَنِيِّ بن سُرُوْر، أَنشدنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ لِنَفْسِهِ فِي رَجَبٍ، سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ:

وأتباع ابن كلاب كِـلاب ** على التحقيق هم من شر آل

قال الحافظ الذهبي معلقا : صدق النَّاظمُ -رَحِمَهُ الله- وَأَجَاد، فَلأَن يَعِيْش المُسْلِم أَخرس أَبكَم خَيْر لَهُ مِنْ أَنْ يَمتلِئَ بَاطِنه كَلاَماً وَفَلْسَفَةً! [السير: 36/21-29]

18) ابن قدامة المقدسي (ت. 620 ه‍)

• وقال ابن قدامة عنهم: "ومن السنة هجران أهل البدع ومباينتهم وترك الجدال والخصومات في الدين وترك النظر في كتب المبتدعة والإصغاء إلى كلامهم وكل محدثة بدعة وكل متسم بغير الإسلام مبتدع كالرافضة والجهمية والخوارج والقدرية والمرجئة والمعتزلة والكرامية والكلابية والسالمة ونظائرهم، فهذه فرق الضلال وطوائف البدع، أعاذنا الله منها". ["لمعة الاعتقاد": ص/42]
وهذا تبديع صريح.

19) أبو الصفاء خليل الصفدي الشافعي (ت. 696 ه‍) 

• وقال الصفدي وهو من المتكلمين: "عبد الله بن سعيد بن كلاب، الفقيه أبو محمد البصري. كان يرد على المعتزلة وربما وافقهم". ["الوافي بالوفيات": 17/104]

20) أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية (ت. 728 ه‍)

• وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: "مع أن ابن كلاب كان مبتدعا عند السلف بما قاله في مسألة القرآن؟ وفي إنكار الصفات الفعلية القائمة بذات الله". ["الفتاوى الكبرى": 6/631] 


⁦✔️⁩ اعتراف الطائفة الأشعرية بأنهم من الكُلَّابية:

من المعروف الذي لا خلاف فيه حتى عند الأشاعرة أنفسهم أن مذهب الأشاعرة هو مذهب الكلابية (مذهب عبد الله ابن سعيد بن كلاب) فعنه أخذ الأشعري مذهبه الكلامي الذي صار إليه بعد الاعتزال، لا خلاف بين الأشاعرة أنفسهم في هذا.

  • قال عبدالرحمن ابن خلدون (ت. 808 ه‍) وهو أشعري: "إلى أن ظهر الشيخ أبو الحسن الأشعري وناظر بعض مشيختهم ـ أي المعتزلة ـ في مسائل الصلاح والأصلح فرفض طريقتهم، وكان على رأي عبدالله بن سعيد بن كلاّب وأبي العباس القلانسي والحارث المحاسبي ... ". [مقدمة ابن خلدون: ص/853]

 • وقال أبو بكر ابن قاضي شهبة (ت. 851 ه‍) عن عبد الله بن كلاب:
"كان من كبار المتكلمين ومن أهل السنة، وبطريقته وطريقة الحارث المحاسبي اقتدى أبو الحسن الأشعري".["طبقات الشافعية" 1/78]

 • وقال كمال الدين البياضي (ت. 1098 ه‍) : "فلم يخلُ زمان من القائمين بنصرة الدين وإظهاره . . وقد سبقه ـ يعني الأشعري ـ أيضاً في ذلك ـ يعني في نصرة مذهب أهل السنة ـ الإمام أبو محمد عبدالله بن سعيد القطان [يعني ابن كلاب]. . " [إشارات المرام من عبارات الإمام أبي حنيفة النعمان: ص/23]
فمذهبهم واحد، سبق إليه ابن كلاب والمحاسبي والقلانسي وتبعهم الأشعري.

 • ويقول أبو الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني الأشعري (ت. 548 ه‍): "حتى انتهى الزمان إلى عبد الله بن سعيد الكلابي وأبي العباس القلانسي والحارث بن أسعد المحاسبي ... وانحاز الأشعري إلى هذه الطائفة فأيد مقالتهم بمناهج كلامية وصار ذلك مذهبا لأهل السنة والجماعة وانتقلت سمة الصفاتية إلى الأشعرية". ["الملل والنحل": ص/81]

فهم طائفة واحدة : ابن كلاب والقلانسي والمحاسبي والأشعري بنص كلام هذا الإمام الأشعري.

 • وقال عنه جمال الدين عبد الرحيم بن الحسن الإسنوي (ت. 772) : "كان من كبار المتكلمين ومن أهل السنة… ذكره العبادي في طبقة أبي بكر الصيرفي، قال: إنه من أصحابنا المتكلمين". [طبقات الشافعية للأسنوي 2/ 178]

ولظهور هذه المتابعة من الأشعري لمذهب ابن كلاب نجد أن بعض الأشاعرة إذا تكلم في بعض الأحيان يقول: قال شيخنا الكلابي ، أو ابن كلاب ، انظر على سبيل المثال "أصول الدين" للبغدادي و "نهاية الاقدام" الشهرستاني.

• وقد قال الشهرستاني الأشعري: "قالت الأشعرية: ذهب شيخنا الكلابي عبد الله بن سعيد إلى أنَّ كلام الباري في الأزل لا يتصف بكونه أمراً ونهياً وخبراً واستخباراً إلا عند وجود المخاطبين واستجماعهم شرائط التكليف". ["نهاية الإقدام": ص/303]

 • وقال أبو محمد علي ابن حزم [ت. 456 ه‍] في الفصل بعدما ذكر الأشعري ومذهبه ثم عمم الخطاب لطائفته ثم قال ابن حزم : "وقال شيخ لهم قديم وهو عبد الله بن سعيد بن كلاب البصري". ["الفصل": 4/157]

فاعتبره ابن حزم شيخَ الأشعرية

 • ويقول محمد السفاريني [ت. 1188]: "فهذا أبو محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب ، هو الذي تبع طريقته أبو الحسن الأشعري ، وإن خالفه في بعض الأشياء ، إلا إنه على نهجه في إثبات الصفات ...". ["لوامع الأنوار البهية": 1/209]

وهذا ابن فورك أحد أكبر علمائهم جمع بين كلام ابن كلاب والأشعري وبيَّن اتفاقهما في الأصول في كتابه المقالات كما نقل عنه شيخ الإسلام في الاستقامة وغيره.

 • قال شيخ الإسلام: "والكلابية هم مشايخ الأشعرية فإن أبا الحسن الأشعري إنما اقتدى بطريقة أبي محمد بن كلاب وابن كلاب كان أقرب إلى السلف زمنا وطريقة وقد جمع أبو بكر بن فورك شيخ القشيري كلام ابن كلاب والأشعري وبين اتفاقهما في الأصول". ["الاستقامة": 1/105].

⁦✔️⁩ آراء ابن كلاب المنحرفة الأخرى:

• قوله في الموافاة: 
قال أبو الحسن الأشعري: وزعم أنه لم يزل راضياً عمن يعلم أنه يموت مؤمناً وإن كان أكثر عمره كافراً ساخطاً على من يعلم أنه يموت كافراً وإن كان أكثر عمره مؤمناً، وإرادة الله سبحانه لكون الشيء هي الكراهة أن لا يكون. ["مقالات الإسلاميين": ص/547]

• قوله في التأويل
كان لإبراهيم بن شاقلا الحنبلي (ت. 369 هـ) مناظرة مع أبي سليمان الدمشقي في مسائل الصفات تبين أن ابن كلاب لم يكن على طريقة الإمام أحمد ولا على منهج السلف.
قال ابن شاقلا: "فقال لي جواباً عن حديث أنس: "إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله يقلبها" إنما هما نعمتان.
فقلت له: هذا الخبر يقول: "إن الأصبعين نعمتان؟ " –أي: هل قال الخبر: إن الإصبعين نعمتان؟ استنكاراً لتأويله- واليدين صفة للذات. ولم يتقدمك بهذا أحد إلا عبد الله بن كلاب القطان الذي انتحلت مذهبه، ولا عبرة في التسليم للأصابع والتأويل لها على ما ذكرت: إن القلوب بين نعمتين من نعم الله عز وجل.....".  ["طبقات الحنابلة": 2/133]

• قوله بالإرجاء:
قال السبكي (ت. 771 ه‍): وَالسَّادِس أَنه إِقْرَار بِاللِّسَانِ والمعرفة وَهَذَا الْمَذْهَب يعزى إِلَى عَبْد الله بن سعيد ابْن كلاب وَكَانَ من أهل السّنة عَلَى الْجُمْلَة وَله طول الذيل فِي علم الْكَلَام وَحسن النّظر وَلم يَتَّضِح لي بعد شدَّة الْبَحْث انْفِصَال مذْهبه عَن مَذْهَب الْقَائِلين بِأَنَّهُ التَّصْدِيق فَإِن الْإِقْرَار بِاللِّسَانِ والمعرفة يَسْتَدْعِي سبق الْمعرفَة. ["طبقات الشافعية": 1/95]

والحمد لله رب العالمين...