إثبات علو الله في الأحاديث.
--------------------------------------
اعلم رحمك الله أن حديث الجارية من أقوى الأدلة في إثبات علو الله تعالى على خلقه وهو بمثابة صاعقة على رؤوس المعطلة
1) ما أخرجه مسلم في صحيحه - (3/140) من طريق يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَال:" قَالَ وَكَانَتْ لِي جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا لِي قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ فَاطَّلَعْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا الذِّيبُ قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَظَّمَ ذَلِكَ عَلَيَّ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أُعْتِقُهَا قَالَ ائْتِنِي بِهَا فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَقَالَ لَهَا أَيْنَ اللَّهُ قَالَتْ فِي السَّمَاءِ قَالَ مَنْ أَنَا قَالَتْ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ".
✓ تخريج الحديث:
[أبو داود في "السنن" (930)، والإمام أحمد في "المسند" (5/448)، و الإمام مالك في"الموطأ" (2/776)، والإمام الشافعيّ في "الرّسالة" (ص/75)، وابن أبي شيبة في "الإيمان (84)، والدّارميّ في "الرّد على الجهميّة" (ص/39)، وفي "الرّد على المريسي (1/491)، وعبد الله ابن الإمام أحمد في "السنّة" (1/306)، وابن خزيمة في "التوحيد" (1/279)، واللالكائيّ في "شرح أصول الاعتقاد" (652)، والبيهقيّ في "الأسماء والصفات" (ص/532)، وفي "السنن الكبرى" (7/354 و10/98) وغيرهم.]
✓ درجة الحديث:
هذا الحديث صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا معارض له بحال، وبيان ذلك من وجوه:
الأول: رواية الإمام مسلم له في صحيحه، ولم يتعقّبه أحد من نقاد الحديث بتضعيفه، وهو وإن كان مما انفرد به مسلم دون البخاري في صحيحه، إلا أنه مقطوع بصحته، كما تلقته الأمة بالقبول، وفي هذا المعنى يقول ابن الصلاح (ت. 643هـ): “ما انفرد به البخاري أو مسلم مندرج في قبيل ما يقطع بصحته، لتلقي الأمة كل واحد من كتابيهما بالقبول على الوجه الذي فصلناه من حالهما فيما سبق، سوى أحرف يسيرة، تكلم عليها بعض أهل النقد من الحفاظ كالدارقطني وغيره، وهي معروفة عند أهل هذا الشأن”. [مقدمة ابن الصلاح ص: 97]
الثاني: أنه بالرغم من تفرد الإمام مسلم بتخريجه دون البخاري، فإنه مع ذلك على شرط الإمام البخاري. يقول أبو عبد الله الحميدي (ت 488هـ): “قد أخرجه البخاري في كتابه في “القراءة خلف الإمام” [ص: 20- 21] عن مسدد بن يحيى عن الحجاج الصواف، وهو من شرطه، ولم يتفق له إخراجه في الجامع الصحيح”. [الجمع بين الصحيحين: 3/ 554]
الثالث: إثبات الأئمة له في كتبهم استدلالًا به على بعض المسائل الفقهية، كما فعل:
١) الإمام أبو عبدالله محمد بن إدريس الشافعي (ت. 204هـ)
[الأم: 5/298 استدلالًا على أنه لا يجزئ في الكفارة إلا عتق رقبة مؤمنة]
أو استدلالًا به على إثبات صفة العلو لله تعالى وأنه سبحانه في السماء,كما فعل:
٢) الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي (ت. 224هـ)
[الإيمان لأبي عبيد القاسم بن سلام: ص - 18]
٣) أبو بكر عبد الله ابن أبي شيبة (ت. 235ه)
[الإيمان لابن أبي شيبة: 84]
٤) أبو محمد عبد الله بن قتيبة الدينوري الحنبلي (ت. 276ه)
قال: "وَالْأُمَمُ كُلُّهَا -عَرَبِيُّهَا وَعَجَمِيُّهَا- تَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فِي السَّمَاءِ مَا تُرِكَتْ عَلَى فِطَرِهَا وَلَمْ تُنْقَلْ عَنْ ذَلِكَ بِالتَّعْلِيمِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: "إِنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَمَةٍ أَعْجَمِيَّةٍ لِلْعِتْقِ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيْنَ اللَّهُ تَعَالَى؟ ".
فَقَالَتْ: فِي السَّمَاءِ، قَالَ: "فَمَنْ أَنَا؟ " قَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "هِيَ مُؤْمِنَةٌ وَ أَمَرَهُ بِعِتْقِهَا"
[تأويل مختلف الحديث: 3/395]
٥) أبو سعيد عثمان بن سعيد الدَّارمي (ت. 280هـ)
[نقض المريسي: 1/ 226، 445، 489، 491، 508، 510]
٦) أبو بكر أحمد ابن أبي عاصم (ت. 287ه)
[السنة لابن أبي عاصم: 489]
٧) عبدالله ابن الإمام أحمد (ت. 290هـ)
[السنة لعبدالله ابن أحمد: 1/ 306]
٨) أبو بكر محمد ابن خزيمة (ت. 311ه)
[التوحيد لابن خزيمة: 279/1]
٩) أبو الحسن علي الأشعري (ت. 324هـ)
[الإبانة للأشعري: ص - 119]
١٠) ابن أبي زَمَنِين المالكي (ت. 399هـ)
[أصول السنة لابن أبي زمنين: ص - 114]
١١) أبو القاسم هبة الله بن الحسن اللالكائي (ت. 418ه)
[شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 652]
١٢) أبو نصر السِّجزي (ت. 444هـ)
[رسالة السجزي إلى أهل زبيد: ص-194]
١٣) أبو الحسين يحيى العمراني الشافعي (ت. 558هـ)
[الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار: 2/ 611]
١٤) أبو محمد عبد القادر الجيلاني الحنبلي (ت. 561ه)
[الغنية لطالبي طريق الحق: 1/124]
١٥) عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي الحنبلي (ت. 600هـ)
[الاقتصاد في الاعتقاد: ص/88]
١٦) أبو محمد عبد الله ابن قدامة المقدسي (ت. 620هـ).
[لمعة الاعتقاد: ص - 12، إثبات صفة العلو: 1/69]
١٧) محمد صديق بن حسن القِنَّوْجِي (ت. 1307)
[السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج: 1/347]
ولو ذهبنا نستقصي من استدل به من العلماء لطال بنا المقام.
3) الشافعية:
--------------------------------------
اعلم رحمك الله أن حديث الجارية من أقوى الأدلة في إثبات علو الله تعالى على خلقه وهو بمثابة صاعقة على رؤوس المعطلة
1) ما أخرجه مسلم في صحيحه - (3/140) من طريق يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَال:" قَالَ وَكَانَتْ لِي جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا لِي قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ فَاطَّلَعْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا الذِّيبُ قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَظَّمَ ذَلِكَ عَلَيَّ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أُعْتِقُهَا قَالَ ائْتِنِي بِهَا فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَقَالَ لَهَا أَيْنَ اللَّهُ قَالَتْ فِي السَّمَاءِ قَالَ مَنْ أَنَا قَالَتْ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ".
✓ تخريج الحديث:
[أبو داود في "السنن" (930)، والإمام أحمد في "المسند" (5/448)، و الإمام مالك في"الموطأ" (2/776)، والإمام الشافعيّ في "الرّسالة" (ص/75)، وابن أبي شيبة في "الإيمان (84)، والدّارميّ في "الرّد على الجهميّة" (ص/39)، وفي "الرّد على المريسي (1/491)، وعبد الله ابن الإمام أحمد في "السنّة" (1/306)، وابن خزيمة في "التوحيد" (1/279)، واللالكائيّ في "شرح أصول الاعتقاد" (652)، والبيهقيّ في "الأسماء والصفات" (ص/532)، وفي "السنن الكبرى" (7/354 و10/98) وغيرهم.]
✓ درجة الحديث:
هذا الحديث صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا معارض له بحال، وبيان ذلك من وجوه:
الأول: رواية الإمام مسلم له في صحيحه، ولم يتعقّبه أحد من نقاد الحديث بتضعيفه، وهو وإن كان مما انفرد به مسلم دون البخاري في صحيحه، إلا أنه مقطوع بصحته، كما تلقته الأمة بالقبول، وفي هذا المعنى يقول ابن الصلاح (ت. 643هـ): “ما انفرد به البخاري أو مسلم مندرج في قبيل ما يقطع بصحته، لتلقي الأمة كل واحد من كتابيهما بالقبول على الوجه الذي فصلناه من حالهما فيما سبق، سوى أحرف يسيرة، تكلم عليها بعض أهل النقد من الحفاظ كالدارقطني وغيره، وهي معروفة عند أهل هذا الشأن”. [مقدمة ابن الصلاح ص: 97]
الثاني: أنه بالرغم من تفرد الإمام مسلم بتخريجه دون البخاري، فإنه مع ذلك على شرط الإمام البخاري. يقول أبو عبد الله الحميدي (ت 488هـ): “قد أخرجه البخاري في كتابه في “القراءة خلف الإمام” [ص: 20- 21] عن مسدد بن يحيى عن الحجاج الصواف، وهو من شرطه، ولم يتفق له إخراجه في الجامع الصحيح”. [الجمع بين الصحيحين: 3/ 554]
الثالث: إثبات الأئمة له في كتبهم استدلالًا به على بعض المسائل الفقهية، كما فعل:
١) الإمام أبو عبدالله محمد بن إدريس الشافعي (ت. 204هـ)
[الأم: 5/298 استدلالًا على أنه لا يجزئ في الكفارة إلا عتق رقبة مؤمنة]
أو استدلالًا به على إثبات صفة العلو لله تعالى وأنه سبحانه في السماء,كما فعل:
٢) الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي (ت. 224هـ)
[الإيمان لأبي عبيد القاسم بن سلام: ص - 18]
٣) أبو بكر عبد الله ابن أبي شيبة (ت. 235ه)
[الإيمان لابن أبي شيبة: 84]
٤) أبو محمد عبد الله بن قتيبة الدينوري الحنبلي (ت. 276ه)
قال: "وَالْأُمَمُ كُلُّهَا -عَرَبِيُّهَا وَعَجَمِيُّهَا- تَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فِي السَّمَاءِ مَا تُرِكَتْ عَلَى فِطَرِهَا وَلَمْ تُنْقَلْ عَنْ ذَلِكَ بِالتَّعْلِيمِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: "إِنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَمَةٍ أَعْجَمِيَّةٍ لِلْعِتْقِ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيْنَ اللَّهُ تَعَالَى؟ ".
فَقَالَتْ: فِي السَّمَاءِ، قَالَ: "فَمَنْ أَنَا؟ " قَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "هِيَ مُؤْمِنَةٌ وَ أَمَرَهُ بِعِتْقِهَا"
[تأويل مختلف الحديث: 3/395]
٥) أبو سعيد عثمان بن سعيد الدَّارمي (ت. 280هـ)
[نقض المريسي: 1/ 226، 445، 489، 491، 508، 510]
٦) أبو بكر أحمد ابن أبي عاصم (ت. 287ه)
[السنة لابن أبي عاصم: 489]
٧) عبدالله ابن الإمام أحمد (ت. 290هـ)
[السنة لعبدالله ابن أحمد: 1/ 306]
٨) أبو بكر محمد ابن خزيمة (ت. 311ه)
[التوحيد لابن خزيمة: 279/1]
٩) أبو الحسن علي الأشعري (ت. 324هـ)
[الإبانة للأشعري: ص - 119]
١٠) ابن أبي زَمَنِين المالكي (ت. 399هـ)
[أصول السنة لابن أبي زمنين: ص - 114]
١١) أبو القاسم هبة الله بن الحسن اللالكائي (ت. 418ه)
[شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 652]
١٢) أبو نصر السِّجزي (ت. 444هـ)
[رسالة السجزي إلى أهل زبيد: ص-194]
١٣) أبو الحسين يحيى العمراني الشافعي (ت. 558هـ)
[الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار: 2/ 611]
١٤) أبو محمد عبد القادر الجيلاني الحنبلي (ت. 561ه)
[الغنية لطالبي طريق الحق: 1/124]
١٥) عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي الحنبلي (ت. 600هـ)
[الاقتصاد في الاعتقاد: ص/88]
١٦) أبو محمد عبد الله ابن قدامة المقدسي (ت. 620هـ).
[لمعة الاعتقاد: ص - 12، إثبات صفة العلو: 1/69]
١٧) محمد صديق بن حسن القِنَّوْجِي (ت. 1307)
[السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج: 1/347]
ولو ذهبنا نستقصي من استدل به من العلماء لطال بنا المقام.
✓ أقوال العلماء في تصحيحه:
هذا الحديث مما اتفق العلماء على تصحيحه، وفيما يلي أقوال بعضهم:
١) أبو الحسين مسلم ابن الحجاج النيسابوري (ت. 261ه)
[صحيح مسلم: 3/140]
٢) أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني (ت. 275ه)
[سنن أبي داود: 930 و سكت عنه (وقد قال في "رسالة لأهل مكة": كل ما سكت عنه فهو صالح)]
٣) أبو حاتم محمد ابن حبان البستي (ت. 354ه)
[صحيح ابن حبان: 2248]
٤) أبو بكر أحمد البيهقي الشافعي (ت. 458هـ): “هذا صحيح”.
[الأسماء والصفات: 2/ 326]
٥) أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي المعروف بابن القيسراني (ت. 507ه): "ففي هذا الحديث دلالة أن من شرط الإيمان أن يعتقد الشخص بقلبه ويتلفظ بلسانه بأن الله عز وجل في السماء.
أخبرنا أبو بكر الشيرازي بقراءتي عليه غير مرة، أخبركم الحاكم أبو عبد الله الحافظ قال: سمعت محمد بن صالح بن هانئ يقول: سمعت محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول: "من لم يقر بأن الله عز وجل على عرشه قد استوى فوق سبع سماواته فهو كافر بربه، يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه وألقي على بعض المزابل حتى لا يتأذى المسلمون والمعاهدون بنتن ريح جيفته، وكان ماله فيئاً لا يرثه أحد من المسلمين، إذ المسلم لا يرث الكافر كما قال عليه السلام". وإنما غلظ هذا التغليظ بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم لها بالإيمان إذ اعتقدت أن الله عز وجل في السماء، فمن أنكر ذلك يكون مخالفاً لنص القرآن والسنة الصحيحة، ومن خالفهما خرج عن الإيمان".
[الحجة على تارك المحجة: 1/57]
٦) أبو محمد الحسين البغوي الشافعي (ت. 516هـ): “هذا حديث صحيح”
[شرح السنة: 3/ 239]
٧) فضل الله ابن حسن التُّورِبِشْتِيُّ الحنفي (ت. 661هـ): “فإن الحديث حديث صحيح”.
[الميسر في شرح مصابيح السنة: 3/ 777]
٨) أحمد ابن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي (ت. 728هـ)
[الفتوى الحموية الكبرى: ص-211، ومجموع الفتاوى: 5/ 14]
٩) أبو عبد الله محمد الذهبي الشافعي (ت. 748هـ): “فمن الأحاديث المتواترة الواردة في العلو حديث معاوية بن الحكم السلمي”
[العلو للعلي الغفار: ص: 14]
١٠) محمد بن إبراهيم الوزير اليمني (ت. 840 هـ): "و حديثها حديث ثابت خرجه مسلم في الصحيح، ورواه الشافعي عن مالك. ذكره ابن النحوي في "البدر المنير" وله طرق جمة ذكرها ابن حجر في "تلخيصه".
[العواصم و القواصم في الذب عن سنة أبي القاسم: 1/380]
١١) أبو الفضل أحمد ابن حجر العسقلاني الشافعي (ت. 852هـ): “وهو حديث صحيح أخرجه مسلم”
[فتح الباري: 13/ 359]
١٢) مرعي بن يوسف الكرمي المصري الحنبلي (ت. 1033هـ): “في الحديث الصحيح المشهور، الذي رواه الأئمة في كتبهم بأسانيدهم، وتلقته الأمة بالقبول أن معاوية بن الحكم…”
[أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات والآيات المحكمات والمشتبهات: ص - 88]
١٣) أبو عبد الرحمن محمد بن الحاج نوح الألباني (ت 1420هـ): “هذا الحديث صحيح بلا ريب… الرواية الثابتة المتفق على صحتها بين المحدثين“
[مختصر العلو للعلي الغفار: ص - 82]
ويبقى السؤال: ألا يكفي هذا في التدليل على صحة الحديث، وبالتالي صحة اعتقاد ما دل عليه؟؟؟!!!
✓ أقوال علماء المذاهب و بيانهم:
1) الحنفية:
١) أبو حنيفة النعمان بن ثابت (ت. 150ه)
قال للمرأة التي سألته أين إلهك الذي تعبده قال: «إن الله سبحانه وتعالى في السماء دون الأرض، فقال له رجل: أرأيت قول الله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ} [الحديد: ٤] قال: هو كما تكتب للرجل إني معك وأنت غائب عنه»
[الأسماء والصفات للبيهقي: ص-٤٢٩]
٢) قال أبو نصر عبيد الله بن سعيد السجزي (ت. 444هـ):
"وعند أهل الحق أن الله سبحانه مباين لخلقه بذاته فوق العرش بلا كيفية بحيث لا مكان وقد أثبت الذي في موطأ مالك بن أنس رحمه الله وفي غيره من كتب العلماء : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للجارية التي أراد عتقها من عليه رقبة مؤمنة ( أين الله ؟ قالت في السماء فقال : من أنا ؟ قالت : رسول الله . قال اعتقها فإنها مؤمنة)…وعند الأشعري أن من اعتقد أن الله بذاته في السماء فهو كافر"
[الرد على من أنكر الحرف والصوت: 22]
٣) قال أبو الحسن علي ابن أبي العز (ت. 792ه)
"التصريح بلفظ "الأين" كقول أعلم الخلق به، وأنصحهم لأمته، وأفصحهم بيانا عن المعنى الصحيح، بلفظ لا يوهم باطلا بوجه:"أين الله"، في غير موضع. الخامس عشر: شهادته صلى الله عليه وسلم لمن قال إن ربه في السماء – بالإيمان"
[شرح العقيدة الطحاوي: ص/60]
2) المالكية:
١) أبو عمر يوسف ابن عبد البر النمري الأندلسي (ت. 463ه)
"وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِلْجَارِيَةِ أَيْنَ اللَّهُ فَعَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَهُمْ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَرُوَاتُهُ الْمُتَفَقِّهُونَ فِيهِ وَسَائِرُ نَقَلَتِهِ كُلُّهُمْ يَقُولُ مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) طه 5 وَأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي السَّمَاءِ وَعِلْمَهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ ..وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعْنًى يُشْكِلُ غَيْرَ مَا وَصَفْنَا وَلَمْ يَزَلِ الْمُسْلِمُونَ إِذَا دَهَمَهُمْ أَمْرٌ يُقْلِقُهُمْ فَزِعُوا إِلَى رَبِّهِمْ فَرَفَعُوا أَيْدِيَهُمْ وَأَوْجُهَهُمْ نَحْوَ السَّمَاءِ يَدْعُونَهُ وَمُخَالِفُونَا يَنْسِبُونَا فِي ذَلِكَ إِلَى التَّشْبِيهِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَمَنْ قَالَ بِمَا نَطَقَ بِهِ الْقُرْآنُ فَلَا عَيْبَ عَلَيْهِ عِنْدَ ذَوِي الْأَلْبَابِ"
[الاستذكار: 7/337]
٢) أَبِو بَكْرٍ مُحَمَّد بْنِ مَوْهِبٍ الْمَالِكِي (ت 406هـ) تلميذ ابن أبي زيد
قال في شرحه لرسالة الإمام محمد بن أبي زيد القيرواني خلال ذكر أدلة العلو: «وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لِلْأَعْجَمِيَّةِ: أَيْنَ اللَّهُ؟ فَأَشَارَتْ إِلَى السَّمَاءِ»
[اجتماع الجيوش الإسلامية: 104]
٣) أَبِو الْقَاسِمِ خَلَفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُقْرِي الْأَنْدَلُسِيِّ المالكي
قَالَ فِي الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ كِتَابِ "الِاهْتِدَاءِ لِأَهْلِ الْحَقِّ وَالِاقْتِدَاءِ" شرح "الملخص لمسند الموطأ" للقابسي وهو يذكر أدلة العلو: «وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لِلْأَمَةِ الَّتِي أَرَادَ مَوْلَاهَا عِتْقَهَا: أَيْنَ اللَّهُ؟ فَأَشَارَتْ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ لَهَا: مَنْ أَنَا؟ قَالَتْ: " أَنْتَ " رَسُولُ اللَّهِ قَالَ: أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ»
[اجتماع الجيوش الإسلامية: 106]
٤) أبو المطرف عبد الرحمن بن مروان القنازعي المالكي (ت. 413ه)
قال بعد ذكر حديث الجارية: "وفِي هذا الحَدِيثِ بَيَان أَنَّ الله تَبَارَكَ وتَعَالَى في السَّمَاءِ، فَوْقَ عَرْشِهِ، وَهُو في كُلّ مَكَان بِعِلْمِهِ"
[تفسير الموطأ للقنازعي: 1/401]
3) الشافعية:
١) أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي (ت. 150ه)
١٤٩٨٥ - قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: وَفِيهِ بَيَانٌ أَنَّ مَنْ كَانَتْ عَلَيْهِ رَقَبَةٌ بِنَذْرٍ، أَوْ وَجَبَتْ بِغَيْرِ نَذْرٍ لَمْ يُجْزِئْهُ فِيهَا إِلَّا مُؤْمِنَةٌ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقُولُ: عَلَيَّ رَقَبَةٌ، لَا يَذْكُرُ مُؤْمِنَةً فَسَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَارِيَةَ عَنْ صِفَةِ الْإِيمَانِ، وَلَوْ كَانَتْ تُجْزِئُهُ غَيْرُ مُؤْمِنَةٍ قَالَ: أَعْتِقْ أَيَّ رَقَبَةٍ شِئْتَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[معرفة السنن و الآثار للبيهقي: 11/117]
٢) أبو عثمان إسماعيل الصابوني الشافعي (ت. 449ه)
فحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامها وإيمانها لما أقرت بأن ربها في السماء، وعرفت ربها بصفة العلو والفوقية، وإنما احتج الشافعي رحمة الله عليه على المخالفين في قولهم بجواز إعتاق الرقبة الكافرة في الكفارة بهذاالخبر؛ لاعتقاده أن الله سبحانه فوق خلقه، وفوق سبع سماواته على عرشه، كما هو معتقد المسلمين من أهل السنة والجماعة سلفهم وخلفهم، إذ كان رحمه الله لا يروي خبراً صحيحاً ثم لا يقول به
[عقيدة السلف و أصحاب الحديث: 110]
٣) سعد ابن علي الزنجاني الشافعي (ت. 471ه)
وَقَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ «أَنَّهُ سَأَلَ الْجَارِيَةَ الَّتِي أَرَادَ مَوْلَاهَا عِتْقَهَا أَيْنَ اللَّهُ؟ قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ وَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا، وَقَالَ مَنْ أَنَا؟ قَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ: أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ، فَحَكَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِيمَانِهَا حِينَ قَالَتْ: إِنَّ اللَّهَ فِي السَّمَاءِ،»
[اجتماع الجيوش الإسلامية: 2/198]
٤) أبو القاسم إسماعيل التيمي الأصبهاني المعروف بقوام السنة [ت. 535ه]
"فحكم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بإيمانها حِين قَالَت: إِن الله فِي السَّمَاء وتحكم الْجَهْمِية بِكفْر من يَقُول ذَلِكَ".
[الحجة في بيان المحجة: 2/118]
٥) أبو الحسين يحيى العمراني الشافعي (ت 558هـ)
قال ردا على الغزالي في تأويله لحديث الجارية: "وهذا غير صحيح لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: أين الله فأشارت إلى السماء، فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، فلو كان لا يجوز أن يقال: إن الله في السماء لبين لها النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه لا يجوز له الإقرار على الخطأ، لا سيما وكان ذلك بحضور جماعة من الناس، أو لو كان هذا لكونها عجمية لبين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لمن حضر مع أنه كان يمكنه صلى الله عليه وسلم أن يسأل: من تعبد؟"
[الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار 2/624]
٦) أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي (ت. 748ه)
"ففي الخبر مسألتان:
إحداهما: شرعية قول المسلم: أين الله؟.
ثانيهما: قول المسؤول: في السماء.
فمن أنكر هاتين المسألتين فإنّما يُنكر على المصطفى صلى الله عليه وسلم"
[العلو للعلي الغفار 1/28]
4) الحنابلة:
١) أبو عبد الله أحمد ابن حنبل (ت. 243ه)
قال في شرح هذا الحديث: "فَهِيَ حِينَ تُقِرُّ بِذَلِكَ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمُؤْمِنَةِ"
[السنة للخلال: 3/575]
٢) أبو عبدالله محمد بن إسحاق ابن منده الحنبلي(ت. 395)
ذكر حديث الجارية في فصل "ذكر ما يدل على أن المقر بالتوحيد إشارة إلى السماء بأن الله في السماء دون الأرض وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه و سلم يسمى مؤمنا" من كتابه.
[الإيمان: 1/230]
٣) القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين الفراء (ت. 458هـ)
قال : "ظاهر الخبر يقتضي جواز السؤال عنه، وجواز الإخبار عنه بأنه فِي السماء، لأن النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لها: " أين الله " فلولا أن السؤال عنه جائز لم يسأل وأجابته بأنه فِي السماء وأقرها عَلَى ذَلِكَ، فلولا أنه يجوز الإخبار عنه سُبْحَانَهُ بذلك لم يقرها عليه"
[إبطال التأويلات: 1/232]
٤) أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري (ت. 481ه)
قال: "وهؤلاء يقولون: ليس هو في مكان ولا يوصف بأين.
وقد قال المبلغ عن الله عز وجل لجارية معاوية بن الحكم - رضي الله عنه -: "أين الله".
[ذم الكلام وأهله: 5/ 135]
٥) أبو الحسن علي ابن الزاغوني الحنبلي (ت. 527هـ)
قال بعد ذكر حديث الجارية: "و هذا حديث صحيح مشهور رواه الأئمة في كتبهم بأسانيدهم، و تلقته الأمة بالقبول، و وجه الدلالة منه - أنها سألها النبي صلى الله عليه وسلم "أين الله؟" و أقرها على قولها أنه في السماء"
[الإيضاح في أصول الدين: ص-318]
٦) أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي (ت. 600هـ)
قال بعد روايته لحديث الجارية: (ومن أجهل جهلاً، وأسخف عقلاً، وأضل سبيلاً، ممن يقول: إنه لا يجوز أن يُقال: أين الله؟ بعد تصريح صاحب الشريعة بقوله: أين الله؟
[الاقتصاد في الاعتقاد لعبد الغني المقدسي: ص/89]
٧) أبو العلاء الحسن العطار الهمذاني (ت. 569هـ)
سئل الهمذاني - عندما ظهر القوم إلى مذهب أحمد ينتمون وَ بِالسُّنَّةِ يَتَوَسّمُون وَيُنْكِرُونَ القَوْل بِأَن الله سُبْحَانَهُ فِي جِهَةِ الْعُلُوِّ - أن يجيب عليهم و يذكر الحكم فيهم. فعقد أبو العلاء الهمذاني "الفصل في الاستواء" في جوابه و ساق تحته حديث الجارية.
[فتيا وجوابها في ذكر الاعتقاد وذم الاختلاف: ص-75]
٨) ابن قدامة المقدسي (ت. 620ه)
قال: "فحكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإيمانها بإشارتها إلى السماء، تريد أن الله سبحانه فيها".
[المغني: 9/404]
٩) أحمد ابن الشيخ الحزامين الحنبلي (ت. 711ه)
قال: "من لا يعرف وجهة معبوده، وتكون الجارية راعية الغنم أعلم بالله منه، فإنها قالت: في السماء، عرفته بأنه في السماء، لما قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا جارية أين الله؟ قالت: في السماء، و أقرها على ذلك".
[النصيحة في صفات الرب جل و علا: 1/29]
١٠) أحمد ابن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي (ت 728هـ)
"والنبي صلى الله عليه وسلم منزه أن يسأل سؤالا فاسدا، وسمع الجواب عن ذلك، وهو منزه أن يقر على جواب فاسد "
[درء تعارض العقل والنقل: ٣/ ٣١٥]
١١) محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (ت. 751ه)
و اذكر شهادته لمن قال رب ... ي في السما بحقيقة الايمان
و شهادة العدل المعطل للذي ... قد قال ذا بحقيقة الكفران
و احكم بأيهما تشاء وأنني ... لأراك تقبل شاهد البطلان
إن كنت من أتباع جهم ص ... احب التعطيل والعدوان والبهتان
[الكافية الشافية: 1/108]
✓ الرد على ما يصلح أن يكون شبهة ترِد على الحديث:
• الشبهة الأولى • شبهة التأويل وصرف اللفظ عن ظاهره:
قال القاضي عياض (ت 544هـ): “لا خلاف بين المسلمين قاطبة -محدِّثِهم وفقيههم ومتكلمهم ومقلدهم ونُظَّارِهم- أَنَّ الظواهر الواردة بذكر الله في السماء كقوله: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: 16]، أنها ليست على ظاهرها، وأنها متأولة عند جميعهم”
[إكمال المعلم بفوائد مسلم: 2/ 465]
¶ و الجواب عن هذه الشبهة:
أن هذا الكلام باطل؛ فقد حكى غير واحد من أهل العلم الإجماع على حمل آيات الصفات لله تعالى على ظاهرها، يقول القاضي أبو يعلى الفراء (ت. 458ه): “دليل آخر على إبطال التأويل: أن الصحابة ومن بعدهم من التابعين حملوها [يعني: آيات الصفات لله تعالى] على ظاهرها ولم يتعرضوا لتأويلها، ولا صرفها عن ظاهرها، فلو كان التأويل سائغًا لكانوا أسبق إليه، لما فيه من إزالة التشبيه ورفع الشبهة، بل قد روي عنهم ما دل على إبطاله”
[إبطال التأويلات: ص/71]
وقال الإمامُ الشَّافعي رحمــة اللـــه عليه: «لا يجوز أن يُقال بغيرِ ظاهرِ الآية ، إلَّا بخبرٍ لازمٍ» [الأمُّ : ٢٣٠/٧]
¶ إليك أقوال أئمة السلف في حمل نصوص الصفات على ظاهرها:
١- ابن قتيبة الدينوري (ت. 276 ه)
“الواجب علينا أن ننتهي في صفات الله حيث انتهى في صفته، أو حيث انتهى رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا نزيل اللفظ عمَّا تعرفه العرب وتضعه عليه، ونمسك عما سوى ذلك”
[الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية لابن قتيبة: ص: 44]
٢ - أبو بكر ابن أبي عاصم (ت. 287هـ)
«وجميع ما في كتابنا كتاب السنة الكبير الذي فيه الأبواب من الأخبار التي ذكرنا أنها توجب العلم، فنحن نؤمن بها لصحتها، وعدالة ناقليها، ويجب التسليم لها على ظاهرها، وترك تكلف الكلام في كيفيتها» فذكر في ذلك النزول إلى سماء الدنيا، والإستواء على العرش، وغير ذلك.
[كتاب العرش للذهبي: 2/273، والعلو للعلي الغفار: ص/197]
٣ - محمد ابن جرير الطبري (ت. 310هـ) :
قال بعد نقاشه مع فرقة من أهل البدع في صفتي النزول والمجيء: «فإن قال لنا منهم قائلٌ: فما أنت قائلٌ في معنى ذلك؟ قيل له: معنى ذلك ما دلّ عليه ظاهر الخبر، وليس عندنا للخبر إلا التسليم والإيمان به، فنقول: يجيء ربنا -جل جلاله- يوم القيامة و الملك صفاً صفاً، ويهبط إلى السماء الدنيا وينزل إليها في كل ليلةٍ ... وكالذي قلنا في هذه المعاني من القول: الصواب من القيل في كل ما ورد به الخبر في صفات الله عز وجل وأسمائه تعالى ذكره بنحو ما ذكرناه.»
[التبصير في معالم الدين لابن جرير الطبري (ص146-147)]
٤ - أبو منصور الأزهري اللغوي (ت. 370هـ)
١) أبو عبد الله أحمد ابن حنبل (ت. 243ه)
قال في شرح هذا الحديث: "فَهِيَ حِينَ تُقِرُّ بِذَلِكَ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمُؤْمِنَةِ"
[السنة للخلال: 3/575]
٢) أبو عبدالله محمد بن إسحاق ابن منده الحنبلي(ت. 395)
ذكر حديث الجارية في فصل "ذكر ما يدل على أن المقر بالتوحيد إشارة إلى السماء بأن الله في السماء دون الأرض وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه و سلم يسمى مؤمنا" من كتابه.
[الإيمان: 1/230]
٣) القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين الفراء (ت. 458هـ)
قال : "ظاهر الخبر يقتضي جواز السؤال عنه، وجواز الإخبار عنه بأنه فِي السماء، لأن النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لها: " أين الله " فلولا أن السؤال عنه جائز لم يسأل وأجابته بأنه فِي السماء وأقرها عَلَى ذَلِكَ، فلولا أنه يجوز الإخبار عنه سُبْحَانَهُ بذلك لم يقرها عليه"
[إبطال التأويلات: 1/232]
٤) أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري (ت. 481ه)
قال: "وهؤلاء يقولون: ليس هو في مكان ولا يوصف بأين.
وقد قال المبلغ عن الله عز وجل لجارية معاوية بن الحكم - رضي الله عنه -: "أين الله".
[ذم الكلام وأهله: 5/ 135]
٥) أبو الحسن علي ابن الزاغوني الحنبلي (ت. 527هـ)
قال بعد ذكر حديث الجارية: "و هذا حديث صحيح مشهور رواه الأئمة في كتبهم بأسانيدهم، و تلقته الأمة بالقبول، و وجه الدلالة منه - أنها سألها النبي صلى الله عليه وسلم "أين الله؟" و أقرها على قولها أنه في السماء"
[الإيضاح في أصول الدين: ص-318]
٦) أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي (ت. 600هـ)
قال بعد روايته لحديث الجارية: (ومن أجهل جهلاً، وأسخف عقلاً، وأضل سبيلاً، ممن يقول: إنه لا يجوز أن يُقال: أين الله؟ بعد تصريح صاحب الشريعة بقوله: أين الله؟
[الاقتصاد في الاعتقاد لعبد الغني المقدسي: ص/89]
٧) أبو العلاء الحسن العطار الهمذاني (ت. 569هـ)
سئل الهمذاني - عندما ظهر القوم إلى مذهب أحمد ينتمون وَ بِالسُّنَّةِ يَتَوَسّمُون وَيُنْكِرُونَ القَوْل بِأَن الله سُبْحَانَهُ فِي جِهَةِ الْعُلُوِّ - أن يجيب عليهم و يذكر الحكم فيهم. فعقد أبو العلاء الهمذاني "الفصل في الاستواء" في جوابه و ساق تحته حديث الجارية.
[فتيا وجوابها في ذكر الاعتقاد وذم الاختلاف: ص-75]
٨) ابن قدامة المقدسي (ت. 620ه)
قال: "فحكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإيمانها بإشارتها إلى السماء، تريد أن الله سبحانه فيها".
[المغني: 9/404]
٩) أحمد ابن الشيخ الحزامين الحنبلي (ت. 711ه)
قال: "من لا يعرف وجهة معبوده، وتكون الجارية راعية الغنم أعلم بالله منه، فإنها قالت: في السماء، عرفته بأنه في السماء، لما قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا جارية أين الله؟ قالت: في السماء، و أقرها على ذلك".
[النصيحة في صفات الرب جل و علا: 1/29]
١٠) أحمد ابن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي (ت 728هـ)
"والنبي صلى الله عليه وسلم منزه أن يسأل سؤالا فاسدا، وسمع الجواب عن ذلك، وهو منزه أن يقر على جواب فاسد "
[درء تعارض العقل والنقل: ٣/ ٣١٥]
١١) محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (ت. 751ه)
و اذكر شهادته لمن قال رب ... ي في السما بحقيقة الايمان
و شهادة العدل المعطل للذي ... قد قال ذا بحقيقة الكفران
و احكم بأيهما تشاء وأنني ... لأراك تقبل شاهد البطلان
إن كنت من أتباع جهم ص ... احب التعطيل والعدوان والبهتان
[الكافية الشافية: 1/108]
✓ الرد على ما يصلح أن يكون شبهة ترِد على الحديث:
• الشبهة الأولى • شبهة التأويل وصرف اللفظ عن ظاهره:
قال القاضي عياض (ت 544هـ): “لا خلاف بين المسلمين قاطبة -محدِّثِهم وفقيههم ومتكلمهم ومقلدهم ونُظَّارِهم- أَنَّ الظواهر الواردة بذكر الله في السماء كقوله: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: 16]، أنها ليست على ظاهرها، وأنها متأولة عند جميعهم”
[إكمال المعلم بفوائد مسلم: 2/ 465]
¶ و الجواب عن هذه الشبهة:
أن هذا الكلام باطل؛ فقد حكى غير واحد من أهل العلم الإجماع على حمل آيات الصفات لله تعالى على ظاهرها، يقول القاضي أبو يعلى الفراء (ت. 458ه): “دليل آخر على إبطال التأويل: أن الصحابة ومن بعدهم من التابعين حملوها [يعني: آيات الصفات لله تعالى] على ظاهرها ولم يتعرضوا لتأويلها، ولا صرفها عن ظاهرها، فلو كان التأويل سائغًا لكانوا أسبق إليه، لما فيه من إزالة التشبيه ورفع الشبهة، بل قد روي عنهم ما دل على إبطاله”
[إبطال التأويلات: ص/71]
وقال الإمامُ الشَّافعي رحمــة اللـــه عليه: «لا يجوز أن يُقال بغيرِ ظاهرِ الآية ، إلَّا بخبرٍ لازمٍ» [الأمُّ : ٢٣٠/٧]
¶ إليك أقوال أئمة السلف في حمل نصوص الصفات على ظاهرها:
١- ابن قتيبة الدينوري (ت. 276 ه)
“الواجب علينا أن ننتهي في صفات الله حيث انتهى في صفته، أو حيث انتهى رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا نزيل اللفظ عمَّا تعرفه العرب وتضعه عليه، ونمسك عما سوى ذلك”
[الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية لابن قتيبة: ص: 44]
٢ - أبو بكر ابن أبي عاصم (ت. 287هـ)
«وجميع ما في كتابنا كتاب السنة الكبير الذي فيه الأبواب من الأخبار التي ذكرنا أنها توجب العلم، فنحن نؤمن بها لصحتها، وعدالة ناقليها، ويجب التسليم لها على ظاهرها، وترك تكلف الكلام في كيفيتها» فذكر في ذلك النزول إلى سماء الدنيا، والإستواء على العرش، وغير ذلك.
[كتاب العرش للذهبي: 2/273، والعلو للعلي الغفار: ص/197]
٣ - محمد ابن جرير الطبري (ت. 310هـ) :
قال بعد نقاشه مع فرقة من أهل البدع في صفتي النزول والمجيء: «فإن قال لنا منهم قائلٌ: فما أنت قائلٌ في معنى ذلك؟ قيل له: معنى ذلك ما دلّ عليه ظاهر الخبر، وليس عندنا للخبر إلا التسليم والإيمان به، فنقول: يجيء ربنا -جل جلاله- يوم القيامة و الملك صفاً صفاً، ويهبط إلى السماء الدنيا وينزل إليها في كل ليلةٍ ... وكالذي قلنا في هذه المعاني من القول: الصواب من القيل في كل ما ورد به الخبر في صفات الله عز وجل وأسمائه تعالى ذكره بنحو ما ذكرناه.»
[التبصير في معالم الدين لابن جرير الطبري (ص146-147)]
٤ - أبو منصور الأزهري اللغوي (ت. 370هـ)
ورد عن جمْعٍ من السلف الصالح، منهم الأوزاعي (ت. 157هـ)، وسفيان الثوري (ت. 161هـ)، و الليث بن سعد (ت. 175هـ)، والإمام مالك بن أنس (ت. 179هـ)، والإمام أحمد بن حنبل (ت. 241هـ) أنهم قالوا عن أحاديث الصفات و الرؤية: «أمروها كما جاءت بلا كيف»؛ وقد بيّن الإمام اللغوي أبو منصور الأزهري (ت. 370هـ) معنى مقولة السلف هذه بعد ذكر قول أبي عبيدٍ القاسم بن سلام (ت. 224هـ) في حديث القَدم ونزول الله إلى السماء الدنيا ورؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة: "نحن نؤمن بها على ما جاءت ولا نفسرها." قائلا: «أراد أنها تترك على ظاهرها كما جاءت.»
[تهذيب اللغة لأبي منصور الأزهري 45/9-46]
٥ - أبو سليمان الخطابي (ت. 388 هـ)
قال في حديث النزول: «هذا الحديث وما أشبهه من الأحاديث في الصفات كان مذهب السلف فيها الإيمان بها، وإجراءها على ظاهرها ونفي الكيفية عنها». ثم ذكر آثار السلف التي فيها "أمروها كما جاءت."
[الأسماء والصفات للبيهقي: 2/377]
٦ - أبو عثمان الصابوني الشافعي (ت. 449هـ) :
قال عند حديثه عن عقيدة السلف أصحاب الحديث في صفات الله: «بل ينتهون فيها إلى ما قاله الله تعالى، وقاله رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير زيادة عليه، ولا إضافة إليه، ولا تكييف له ولا تشبيه، ولا تحريف، ولا تبديل، ولا تغيير، ولا إزالة للفظ الخبر عما تعرفه العرب وتضعه عليه بتأويل منكر، ويجرونه على الظاهر، ويكِلُون علمه [أي العلم بكيفية الصفات] إلى الله تعالى».
[عقيدة السلف وأصحاب الحديث: ص/39]
٧ - يوسف ابن عبد البر (ت. 463 ه)
“أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة، والإيمان بها، وحملها على الحقيقة لا على المجاز، إلا أنهم لا يكيفون شيئًا من ذلك، ولا يحدون فيه صفة محصورة…”
[التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد: 7/ 145]
٨ - أبو محمد الحسين البغوي الشافعي (ت. 510 هـ)
«وكذلك كل ما جاء به الكتاب أو السنة من هذا القبيل في صفات الله تعالى، كالنفس، والوجه، والعين، واليد، والرجل، والإتيان، والمجيء، والنزول إلى السماء الدنيا، والاستواء على العرش، والضحك، والفرح ...»فذكر أدلة هذه الصفات من القرآن والسنة ثم قال: «فهذه ونظائرها صفات الله تعالى، ورد بها السمع يجب الإيمان بها، وإمرارها على ظاهرها معرضا فيها عن التأويل، مجتنبا عن التشبيه، ومُعتقدًا أن الباري سبحانه وتعالى لا يشبه شيء من صفاته صفات الخلق، كما لا تشبه ذاته ذوات الخلق، قال الله سبحانه وتعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى : 11]، وعلى هذا مضى سلف الأمة، وعلماء السنة.»
[شرح السنة للحسين البغوي: 171/1-168]
٩ - أبو القاسم إسماعيل الأصبهاني الشافعي (ت. 535 هـ) مبينا لمعنى مقولة ابن عيينة "فقراءته تفسيره" : « أي هو على ظاهره لا يجوز صرفه إلى المجاز بنوع من التأويل.»
[العلو للعلي الغفار للذهبي: ص/263؛ وكتاب العرش له 2 /359-360]
١٠ - أبو عبدالله محمد الذهبي (ت. 748 هـ) : "وكما قال سفيان وغيره "قراءتها تفسيرها"، يعني أنها بينة واضحة في اللغة، لا يبتغى بها مضائق التأويل والتحريف. وهذا هو مذهب السلف مع إتفاقهم أيضا أنها لا تُشْبِه صفات البشر بوجه إذ الباري لا مثل له لا في ذاته ولا في صفاته".
[العلو للعلي الغفار: ص/251]
وبما تقدم يتم الرد على القائلين بأن ظواهر النصوص غير مراد، بل قد وصل الأمر ببعضهم اعتبار الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من الكفر، قاله أحمد الصاوي المالكي (ت. 1241ه) في حاشيته على تفسير الجلالين عند تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِه} [آل عمران: 7]، و قال أيضا محمد بن يوسف السنوسي (ت. 895ه): «أصول الكفر ستة ... السادس: التمسك في أصول العقائد بمجرد ظواهر الكتاب والسنة من غير عَرْضها على البراهين العقلية والقواطع الشرعية» [شرح الكبرى للسنوسي: ص/502]
• الشبهة الثانية • شبهة أن المراد بأين هنا السؤال عن المكانة وليس المكان:
ادعى بعضهم أن المراد بسؤال النبي صلى الله عليه وسلم الجارية: «أَيْنَ اللهُ؟» هو السؤال عن المكانة، وليس السؤال عن المكان.
[انظر: المعلم للمازري: 1/ 412، وعارضة الأحوذي لابن العربي: 11/ 273]
¶ والجواب عن هذه الشبهة:
١ - قال القاضي أبو يعلى: «أن هذا الكلام غلط، لأن الحقيقة في هذه اللفظة أنها استفهام عن المكان دون المنزلة والرتبة» [إبطال التأويلات: ص/234]
٢- القول بأن العلو المقصود هو علو المكانة هو قول متهافت فالقرآن والسنة والإجماع تثبت علو الذات فعندما تقول السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها (زوجني الله من فوق سبع سماوات) هل السيدة زينب تقصد أن الله أفضل من السماوات السبع ؟؟؟
٣ - الأشعرية لا يرضون أصلاً بإطلاق هذا الوصف على الله. كما قال القشيري: «تعالى الله أن يقال: أين ؟» [الرسالة القشيرية]
٤ - يلزم من هذا التأويل من كان عظيم القدر من البشر نَصِفُهُ بأنه في السماء. وهذا مخالف للغة التخاطب التي يتخاطب بها العرب.
٥ - إن المكانة لا يقال عنها (أين) ولا يجاب عنها بأنها في السماء. اللهم إلا إذا دخلت عليها (من) كقولك: أين أنت من فلان. أين الثرا من الثريا.
٦ - إن قولهم مردود بحديث النزول، فإذا كان العلو على مكانة، فماذا نقول عن حديث النزول؟ أ نقول بأنه نزول مكانة؟ تعالى الله عن قبح تأويل أدعياء التنزيه.
• الشبهة الثالثة • شبهة أن السماء قبلة الدعاء.
أبو حامد محمد الغزالي (ت. 505ه): «فكذلك السماء قبلة الدعاء، كما أن البيت قبلة الصلاة». [الاقتصاد في الاعتقاد: 35/1]
¶ الجواب عن هذه الشبهة:
• هذا الكلام باطل معلوم بالاضطرار بطلانه، مخالف لصريح المعقول، وصحيح المنقول عن الرسول صلى الله عليه وسلم. وذلك يظهر بوجوه:
١ - أن قولكم : إن السماء قبلة للدعاء - لم يقله أحد من سلف الأمة ، ولا أنزل الله به من سلطان ، وهذا من الأمور الشرعية الدينية ، فلا يجوز أن يخفى على جميع سلف الأمة وعلمائها
٢ - أن توجه الخلائق بقلوبهم وأيديهم وأبصارهم إلى السماء حال الدعاء أمر فطري ضروري لا يختص به أهل الملل والشرائع، والمستقبل للكعبة يعلم أن الله تعالى ليس هناك، بخلاف الداعي، فإنه يتوجه إلى ربه وخالقه، ويرجو الرحمة أن تنزل من عنده.
٣ - قبلة الدعاء هي قبلة الصلاة، فإنه يستحب للداعي أن يستقبل القبلة، كما جاء من حديث عبد الله بن زيد في "صحيح البخاري"قال: «خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا المصلى يستسقي، فدعا واستسقى ثم استقبل القبلة وقلب رداءه» وقد قال البخاري: "باب: الدعاء مستقبل القبلة". فمن قال: إن للدعاء قبلة غير قبلة الصلاة، أو إن له قبلتين: إحداهما الكعبة، والأخرى السماء، فقد ابتدع في الدين، و خالف جماعة المسلمين
٤ - أن القبلة: ما يستقبله العابد بوجهه، كما تستقبل الكعبة في الصلاة والدعاء والذكر والذبح، ولذلك سميت وجهة، والاستقبال خلاف الاستدبار، فالاستقبال بالوجه، والاستدبار بالدبر، فأما ما حاذاه الإنسان برأسه أو يديه أو جنبه، فهذا لا يسمى قبلة، لا حقيقة ولا مجازا، فلو كانت السماء قبلة الدعاء، لكان المشروع أن يوجه الداعي وجهه إليها، وهذا لم يشرع.
٥ - قال ابن القيم في "تهذيب السنن": (وثبت عنه في الصحيح " أنه جعل يشير بأصبعه إلى السماء في خطبته في حجة الوداع وينكسها إلى الناس ويقول اللهم اشهد "وكان مستشهداً بالله حينئذ لم يكن داعياً حتى يقال: السماء قبلة الدعاء
٦ - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن ربكم حييّ كريم، يستحيي من عبده إذا رفع يديه إلى الله أن يردهما صفراً". فأثبت النبي صلى الله عليه وسلم أن رفع اليدين إنما هو في الحقيقة إلى الله.
٧ - لو كان هذا كما قلت لم يصح الدعاء إلا لمن توجه بيديه إلى السماء كما لا تصح الصلاة إلا لمن توجه إلى الكعبة.
[انظر: شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز: 327-328، بيان تلبيس الجهمية لابن تيمية الحنبلي: ٢/ ٤٦١، الانتصار في الرد على المعتزلة القادرية الأشرار ليحيى العمراني الشافعي ٢/٦٢٣]
والحمد لله رب العالمين …
Комментариев нет:
Отправить комментарий