الأدلة من القرآن على أن الله يتكلم بصوت
١) إخبارُ الله تعالى عن ندائِهِ لآدم وحواء، وإبراهيم، وموسى عليهم السَّلام، وللمشركين يومَ القيامةِ:
– ﴿وَنَـٰدَیۡنَـٰهُ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ ٱلۡأَیۡمَنِ وَقَرَّبۡنَـٰهُ نَجِیࣰّا﴾ [مريم: ٥٢]
– ﴿فَدَلَّىٰهُمَا بِغُرُورࣲۚ فَلَمَّا ذَاقَا ٱلشَّجَرَةَ بَدَتۡ لَهُمَا سَوۡءَ ٰ تُهُمَا وَطَفِقَا یَخۡصِفَانِ عَلَیۡهِمَا مِن وَرَقِ ٱلۡجَنَّةِۖ وَنَادَىٰهُمَا رَبُّهُمَاۤ أَلَمۡ أَنۡهَكُمَا عَن تِلۡكُمَا ٱلشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَاۤ إِنَّ ٱلشَّیۡطَـٰنَ لَكُمَا عَدُوࣱّ مُّبِینࣱ﴾ [الأعراف: ٢٢]
– ﴿وَنَـٰدَیۡنَـٰهُ أَن یَـٰۤإِبۡرَ ٰهِیمُ﴾ [الصافات: ١٠٤]
– ﴿وَیَوۡمَ یُنَادِیهِمۡ فَیَقُولُ أَیۡنَ شُرَكَاۤءِیَ ٱلَّذِینَ كُنتُمۡ تَزۡعُمُونَ﴾ [القصص: ٦٢]
– ﴿فَلَمَّاۤ أَتَىٰهَا نُودِیَ یَـٰمُوسَىٰۤ﴾ [طه: ١١]
• قال أبو نصر عُبَيْد الله السِّجْزي (ت. ٤٤٤): والنداء عند العرب صوت لا غير، ولم يرد عن الله تعالى ولا عن رسوله ﷺ أنه من الله غير صوت. [رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت: ١/٢٥٣]
• قال ابن قدامة المقدسي (ت. ٦٢٠): والنداء لا يكون إلا بصوت وفي القرآن من هذا كثير. [البرهان في بيان القرآن: ٨٤]
• قال علاء الدين أبو الحسن المرداوي (ت. ٨٨٥): والنداء عِنْد العَرَب: صَوت لا غير، ولم يرد عَن الله ولا عَن رَسُوله ولا أحد من السّلف أنه من الله غير صَوت، ومُوسى مُكَلم بِلا واسِطَة إجْماعًا. [التحبير شرح التحرير: ٣/١٣٢٣]
• قال ابن تيمية (ت. ٧٢٨): و«النِّداءُ» فِي لُغَةِ العَرَبِ هُوَ صَوْتٌ رَفِيعٌ؛ لا يُطْلَقُ النِّداءُ عَلى ما لَيْسَ بِصَوْتِ لا حَقِيقَةً ولا مَجازًا. [مجموع الفتاوى: ٦/٥٣١]
وما قال ابن تيمية موافق لقول أهل اللغة، وسأذكر بعض أقوالهم على سبيل المثال:
• قال أبو نصر الجوهري (ت. ٣٩٣): [ندا] النِداءُ: الصوت، وقد يضم مثل الدُعاءُ والرُغاءُ. وناداهُ مُناداةً ونداء، أي صاح به. [الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية: ٦/٢٥٠٥]
• قال أحمد ابن فارس (ت. ٣٩٥): وَمِنَ الْبَابِ نَدَى الصَّوْتِ: بُعْدُ مَذْهَبِهِ. وَهُوَ أَنْدَى صَوْتًا مِنْهُ، أَيْ أَبْعَدُ. [مقاييس اللغة: ٤١٢/٥]
• قال أبو الحسن علي الواحدي (ت. ٤٦٨): ﴿وإذا نادَيْتُمْ إلى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُوًا ولَعِبًا﴾ [المائدة ٥٨] أي: إذا دعوتم الناس إلى الصلاة بالأذان، والنداء: الدعاء بأرفع الصوت. [التفسير الوسيط: ٢/٢٠٣]
• قال أبو القاسم الراغب الأصفهاني (ت. ٥٠٢): النِّدَاءُ: رفْعُ الصَّوت وظُهُورُهُ... وأصل النِّداء من النَّدَى. أي: الرُّطُوبة، يقال: صوت نَدِيٌّ رفيع، واستعارة النِّداء للصَّوْت من حيث إنّ من يَكْثُرُ رطوبةُ فَمِهِ حَسُنَ كلامُه، ولهذا يُوصَفُ الفصيح بكثرة الرِّيق. [المفردات في غريب القرآن: ص/٧٩٦]
• قال أبو عبد الله محمد القرطبي (ت. ٦٧١): والنداء الدعاء برفع الصوت، وفد يُضَمُّ مِثْلَ الدُّعاءِ والرُّغاءِ. وناداهُ مُناداةً ونِداءً أي صاح به. [تفسير القرطبي: ٦/٢٢٤]
• قال ابن منظور الإفريقي (ت. ٧٧١): النِّداء، والنُّداء: الصوت مثل الدعاء والرغاء، وقد ناداه ونادى به، وناداه مناداة ونداء: صاح به … والنداء: ممدود: الدعاء بأرفع الصوت. [لسان العرب: ١٥/ ٣١٥]
٢) أمر الله تعالى بالاستماع لكلامه:
• قال الله عز وجل: ﴿وَأَنَا ٱخۡتَرۡتُكَ فَٱسۡتَمِعۡ لِمَا یُوحَىٰۤ﴾ [طه: ١٣]
• قال أبو نصر عُبَيْد الله السِّجْزي (ت. ٤٤٤): قال الله سبحانه لموسى: ﴿فاسْتَمِعْ لِما يُوحى﴾ وكان يكلمه من وراء حجاب، لا ترجمان بينهما، واستماع البشر في الحقيقة لا يقع إلا للصوت. ومن زعم أن غير الصوت يجوز في المعقول أن يسمعه من كان على هذه البنية التي نحن عليها، احتاج إلى دليل. [رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت: ١/٢٤٤]
• أبو الحسين يحيى العمراني (ت. ٥٥٨): والدليل على إثبات الصوت قول الله لموسى: ﴿وأنا اخْتَرْتُكَ فاسْتَمِعْ لِما يُوحى﴾ . والله سبحانه كلمه من وراء حجاب ولا ترجمان بينهما واستماع البشر في الحقيقة لا يقع إلا للصوت، ومن زعم أن غير الصوت يجوز في المعقول أن يسمعه من كان على هذه البنية إلى دليل. [الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار: ٢/٥٥٩]
• قال علاء الدين أبو الحسن المرداوي (ت. ٨٨٥): وقالَ تَعالى: ﴿فاستمع لما يُوحى﴾ [طه ١٣]، وكانَ يكلمهُ من وراء حجاب لا ترجمان بَينهما، واستماع البشر فِي الحَقِيقَة لا يَقع إلّا للصوت، ومن زعم أن غير الصَّوْت يجوز فِي العقل أن يسمعهُ من كانَ على هَذِه البَيِّنَة الَّتِي نَحن عَلَيْها [احْتاجَ] إلى دَلِيل. [التحبير شرح التحرير: ٣/١٣٢٣]
٣) تأكيد الله الكلام بالمصدر عندما أخبر عن تكليمه لموسى عليه السلام:
• قال الله عز وجل: ﴿وَرُسُلࣰا قَدۡ قَصَصۡنَـٰهُمۡ عَلَیۡكَ مِن قَبۡلُ وَرُسُلࣰا لَّمۡ نَقۡصُصۡهُمۡ عَلَیۡكَۚ وَكَلَّمَ ٱللَّهُ مُوسَىٰ تَكۡلِیمࣰا﴾ [النساء: ١٦٤]
• قال أبو محمد ابن قتيبة الدِّينَوري (ت. ٢٧٦): والله تعالى يقول: وكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيمًا [النساء ١٦٤] فوكّد بالمصدر معنى الكلام، ونفى عنه المجاز. [تأويل مشكل القرآن: ١/٧٤]
• قال أبو أحمد القصاب (ت. نحو ٣٦٠): وقوله: (وكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيمًا حجة على الجهمية وهي من كبار الحجج عليهم. ويحتجون بأن الكلام منه على المجاز، والمجاز لا يؤكد بالمصدر، وقد أكده - جل وعلا - كما ترى، فجاء بالتكليم. [النكت الدالة على البيان في أنواع العلوم والأحكام ١/٢٧٩]
• قالَ أحْمد بن يحيى (ت. ٢٩١) فِي قَول الله: ﴿وكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيمًا﴾ (النِّساء: ١٦٤) لَو جاءتْ: كلَّمَ الله مُوسى مُجَرّدًا لاحْتَمَلَ ما قُلْنا وما قالُوا يَعْني المُعْتَزِلةَ فلمّا جاءتْ: (تكليمًا) خَرجَ الشَّكُّ الَّذِي كانَ يدخلُ فِي الكَلام، وخَرجَ الاحْتمالُ للشَّيْئَيْنِ، والعرب تَقول: إذا وُكِّدَ الكلامُ لم يَجُزْ أن يكونَ التوكيدُ لَغوا، والتَّوكيدُ بالمَصْدَرِ دَخَلَ لإخْراجِ الشّكِّ. [تهذيب اللغة للأزهري: ١٠/١٤٨]
• قال ابن بطة العكبري (ت. ٣٨٧): وقالَ تَعالى ﴿وكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيمًا﴾ [النساء ١٦٤]، فَأدْخَلَ ﴿تَكْلِيمًا﴾ [النساء ١٦٤] تَأْكِيدًا لِلْكَلامِ ولِنَفْيِ المَجازِ، فَإنَّهُ لا جائِزَ أنْ يَقُولَ إنْسانٌ: كَلَّمْتُ فُلانًا فِي كِتابِي وعَلى لِسانِ رَسُولِي تَكْلِيمًا. [الإبانة الكبرى: ٦/٣٠٣]
• قال أبو نصر عُبَيْد الله السِّجْزي (ت. ٤٤٤): وأحد ما استدل به العلماء على نفي الخلق عن كلام الله سبحانه قوله عزوجل: ﴿وكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيمًا﴾ فقالوا: أتى بالمصدر ليعلم أنه كلام من مكلِّم إلى مكلَّم. [رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت ١/١٦٤]
• قالَ النَّحّاسُ (ت. ٣٣٨) أجْمَعَ النَّحْوِيُّونَ عَلى أنَّ الفِعْلَ إذا أُكِّدَ بِالمَصْدَرِ لَمْ يَكُنْ مَجازًا فَإذا قالَ تَكْلِيمًا وجَبَ أنْ يَكُونَ كَلامًا عَلى الحَقِيقَةِ الَّتِي تُعْقَلُ. [فتح الباري لابن حجر: ١٣/٤٧٩]
والكلام الحقيقي لا يكون إلا بحرف وصوت بالإجماع:
• قال أبو نصر عُبَيْد الله السِّجْزي (ت. ٤٤٤): اعلموا- أرشدنا الله وإياكم- أنه لم يكن خلاف بين الخلق على اختلاف نِحَلهم من أول الزمان إلى الوقت الذي ظهر فيه ابن كلاب والقلانسي والصالحي والأشعري وأقرانهم الذين يتظاهرون بالرد على المعتزلة وهم معهم بل أخس حالًا منهم في الباطن في أن الكلام لا يكون إلا حرفًا وصوتًا ذا تأليف واتساق، وإن اختلفت بهم اللغات...فالإجماع منعقد بين العقلاء على كون الكلام حرفًا وصوتًا. [رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت: ١١٥/١-١١٨]
• قال قوام السنة أبو القاسم إسماعيل التيمي الأصبهاني (ت ٥٣٥): وقد أجمع أهل العَرَبيَّة أن ما عدا الحُرُوف والأصوات لَيْسَ بِكَلام حَقِيقَة. [الحجة في بيان المحجة: ١/٤٣٣]
والحمد لله رب العالمين.